الرئيسية / الرئيسية / أسرة / الطفل ومعرفة الله
ء

الطفل ومعرفة الله

    من أهم وظائف الوالدين في تربية الأطفال الدينية، هو السعي من أجل ترسيخ معرفة الله عندهم ؛ ربما يبدو الأمر في نظرنا سهلاً وبديهياً ، ولكن فيه صعوبات تتطلب معرفة الآباء للطرق المناسبة، ومعرفة الأمور التي يحتاجونها في هذا المجال ؛ ولذلك نجد ردود أفعال الوالدين مختلفة في هذا المجال؛

       فالبعض يظن أنّ معرفة الله تُعلّم في المدارس فقط، و لذا يغفلون عن القيام بهذه الوظيفة، وطائفة أخرى تُعطي الأولويّة إلى الأمور الماديّة واحتياجات الطفل، ويعتبرونها عُذراً في عدم وجود الوقت لتعليمهم، كما أن هناك طائفة من الآباء والأمّهات يعتقدون أن قلّة المعرفة وعدَم القدرة على إجابة الاسئلة المرتبطة بمعرفة الله عند الأطفال، سببه بُعدهم عن تعليمهم ؛ وقلّة قليلة من العوائل لا يوافقون على تعليم الطفل المسائل الدينية في البيت، ومهما كانت أهمية هذا الموضوع، سواء كان في الاُسَر المتديّنة أو غيرها ؛ فإنهّم سوف يواجهون هذا الأمر .

   ومن أهم الاسئلة التي يكرّرها الطفل هي التي تتعلق بمعرفة الله ، لأجل ذلك يجب أن يربّي الآباء أبناءهم تربية صحيحة وأن يتسلحوا بسلاح المعرفة، لتكون عندهم القدرة على إجابة أسئلة أطفالهم المعنوية .

   السؤال الأوّل الذي جبّ الإجابة عليه هو : هل هناك ضرورة لتعليم الأطفال المعارف الإلهية وهم في سن الطفولة ؟ وبعبارة أخرى ما هي آثار معرفة الله في حياة الأطفال، في الوقت الحاضر وفي المستقبل ؟

إن من أهم وظائف الأبوين تعليم الأبناء المسائل الدينية و التوجه الى الله تعالى . فقد كان الإمام علي (ع) يهتم كثيراً بتربية أبناءه ، وقد وضع الأسس التي نقتدي بها في هذا المجال ، و كان يؤكد في وصاياه بأننا يجب أن نعلّم أولادنا أموراً حسنة حتى يشعروا بنعم الله عليهم [1]

إن تعليم الأطفال يكون بقدر استطاعتهم وقابلياتهم للفهم لأن هذا يساعد على تصحيح العلاقة بينهم وبين ربهم ويجعل القوانين الإلهية نصب أعينهم دائماً ومن هذا الطريق تزداد علاقتهم المعنوية أكثر في حياتهم المستقبلية .

     قال الإمام زين العابدين (ع) في رواية مضمونها : على الآباء أن يعلّموا أبناءهم الأدب الصحيح [2] فأطفالنا يولدون على فطرة معرفة الله وفي مسير حياتهم وبسبب انتهالهم من العلوم المنحرفة أو نشأتهم في بيئة غير صحيحة يصابون بهذه الانحرافات الفكرية ولا يعرفون الله المعرفة الصحيحة ، وتنحرف عقيدتهم . وهذا ما أشار اليه رسول الله(ص) في الرواية الشريفة < كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه >[3]

   في هذه العبارة المختصرة والجميلة نجد الإجابة على جميع أسئلة الطفل المتعلقة بالله وصفاته ، ولأجل هذا يكون البيت أول محطة لمعرفة الله ويكون اكتساب المعلومات لدى الأطفال من خلاله ، فأول مدرسة للنمو المعنوي للأطفال هو البيت ، و أول معلم لتعليم الابناء هو الوالدان و في أكثر الأحيان يكون تعليم الآباء أقوى وأعمق من أي مكان آخر .

أهم آثار معرفة الله في حياة الابناء

   1_ زيادة العلاقة مع الله

المعرفة الصحيحة لله هي السبب الأساسي لحبنا له تعالى , فنحن نحب كل شئ يحبه الله , و هذه أهم نتيجة نأخذها من خلال معرفتنا لله . فعندما يعرف الطفل الله تعالى ويعرف نعمه عليه ويعرف قدرته اللامتناهية ويعرف كيف أن الله يحميه يحس في أعماقة أن الله يحبه و يسعى إلى توطيد علاقته معه ، هذه العلاقة التي ليس لها عمر معين , أو زمان ومكان محدد , فهي موجودة في كل لحظة وكل مكان .

 2_ العلاقة مع الأوامر الإلهية

العلاقة مع الله تأتي من المعرفة الصحيحة . ومعرفة الله تكون المقدمة إلى معرفة جميع الأوامر الإلهية وما يريده الله منا .

عندما يكون أولادنا على معرفة حقيقية بالله تعالى سوف يدركون أن كل أفعاله ناتجة عن علم وحكمة ، و سوف يجبونه أكثر من أي شخص آخر ويعرفون أن اوامره تجلب السعادة للإنسان .

لذلك يجب أن نعلّم الطفل منذ السنوات الأولى وقبل دخوله إلى المدرسة كيف يأنس مع أمور دينه , وهذا الأنس عند الطفل يتعلمه من العائلة و يكون معتاداً عليه في المستقبل , فيقوم بأداء الفرائض الدينية بسهولة وهذه تكون اللبنة الأساسية الأولى في تربية الطفل .

 3_ ترسيخ الشعور بالمسؤلية تجاه الله تعالى

     من آثار معرفة الله عند الطفل ترسيخ الإحساس بالمسؤلية تجاه الله تعالى ، فالطفل العارف بالله يكون لديه العلم بانه مسؤول عن تصرفاته ويسعى إلى تنظيمها بطريقة تنسجم مع محبة الله ، فالطفل الذي يعرف الله يبتعد كثيراً عن الأعمال السيئة بخلاف باقي الأطفال ، وتكون تصرفاته صحيحة ، وأيضا إحساسه بالمسؤلية يجعله في المستقبل أقل عرضة للإصابة بالمشاكل الاجتماعية التي تواجهه ، ويكون أكثر مقاومة لها ، ومن أجل ذلك قالوا يجب على المربي أن ينمّي إحساس المسؤلية عند الطفل وأن يجعله يعرف وظائفه .

   يجب أن نفهم الطفل بصورة مبسطة أن الله تعالى يرانا في كل الأحوال ويعرف أعمالنا الحسنة والسيئة وأنه لا يخفى عليه من شئ .

4_ زيادة الايمان

   يتناسب تطور الإيمان مع ازدياد معرفة الله ويقوى إيمان الطفل بالله كلما زادت معرفته به , وهناك طرق مختلفة بإمكان الوالدين تهيئتها للطفل ليزداد معرفة بالله مثل قراءة الكتاب المجيد (القرآن ) أو من خلال التفكر في الطبيعة والعبادة و أوقات الوحدة والخلو مع النفس ليتهيأ الطفل الى أن يعيش أجواء معنوية أفضل تجعله بمرور الزمن يظهر تعطشاً أكثر لمعرفة الله والإيمان به ومعرفة المعلومات الدينية .

 5_ الاستفادة من السلامة النفسية

   إن خصائص معرفة الطفل بالله تنحصر به فقط وتكون سبباً لجعله لا يرى نفسه وحيداً , كما يشعر بقوته تزداد دائماً وهذا الأمر يوجب رفع قدرة الأطفال في الحياة وفي المسائل المتعلقة بها ؛ كذلك الأطفال الذين يواجهون مشاكل صعبة ومسائل ثقيلة سوف يكونون أكثر توفيقاً من غيرهم ويمتلكون قدرة أكثر في مواجهة المصاعب .

     والطفل الذي ازدادت معرفته بالله لا يشعر في أي وقت بأن حياته بلا معنى و سوف يكون أساسه قوياً يواجه به مشاكل الحياة ولأجل هذا قيل أنه في الوقت الذي ألقى أبناء يعقوب (ع) يوسف في البئر وكان عمره تسع سنين , ومرت القافلة قرب ذلك البئر , رأى أحدهم يوسف فنادى بصوت عال تعالوا وساعدوا هذا الطفل الوحيد الغريب , لكن يوسف الذي كانت تربيته تربيةً دينية و كان شديد المعرفة بالله , عندما سمع حديث ذلك الرجل قال إن الانسان الذي مع الله لايكون وحيداً ولا غريباً أبداً .

سلمى عاقول – الحجاز

المصادر

  1. الاميني ، ابراهيم ، التربية ، قم بوستان كتاب ، ط1، 1381 ش
  2. بيابانكرد، اسماعيل ، ارشادا الوالدين والمعلمين في تربية وتعليم الاطفال ، تهران ، دفتر نشر الثقافة الاسلامية ، ط3، 1378ش
  3. دادستان ، بريرخ ، ثمان عشر مقالة في علم النفس ، تهران،ط1 ، 1386ش
  4. سادات ، محمد على ، عامل الوالدين مع الابناء ،تهران ، تجمع الاولياء والمربين، ط5 ، 1376ش
  5. فلسفي ، محمد تقي ، الطفل بين الوراثة والتربية ، ج1، تهران ، مكتب نشر الثقافة الاسلامية ، ط1 ، 1378ش
  6. محمدي ريشهري ، محمد ، حكم الاطفال ، مترجم عباس بسنديدة ، قم دار الحديث ط2 ، 1387ش

[1] الشيخ الصدوق ، الخصال ،ج10،ص614 .

[2] حسن بن شعبة الحراني ، رواية تحف العقول ص189.

[3] المجلسي ، بحار الانوار ، ج3، ص289.

شاهد أيضاً

كتاب

في هذا العصر…

في عصرنا هذا توجد دوامة باسم “المَلل” في كل مكان, البيت, العمل, التنزّه, المدرسة و…, …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *