الرئيسية / الرئيسية / عاصفةُ خزيٍ لا حزمٍ
2014-HOUTI26-3-2015

عاصفةُ خزيٍ لا حزمٍ

إن الأوضاع التي تمرّ بها المنطقة العربية والتي عاشت طوال تاريخها في مناخ الاستبداد والطغيان والفساد بجدارة, لم تعشها أي منطقة في العالم, بدأت بعض الدول التي تشتغل أنظمة حكمها على هدم كرامة الإنسان العربي, وإهدار إنسانيته بدعاوي عديدة مستترة بأردية مصنوعة من ستائر دينية, أو سياسية, أو كليهما معاً. مما أدّى إلى تحرك أمواج المياه الراكدة في تونس, وتبعتها تموّجاتها في مصر وهكذا في ليبيا و …, لتنتج مجتمعات حية نابضة بروح ثورية ناهضة لمطالب الإنسان التونسي والمصري و…, وعبرت هذه التموجات معوقات الجغرافيا لتصل إلى البحرين, واليمن….. وهذا ما أرعب أنظمة الاستبداد العربية من تخوفها على مستقبل الفساد الذي بدأت الثورات تقطّع أوصاله, وتهشّم جسده الضعيف الواهن, الذي كان يبدو بالوهم, وكأنه عملاق جبار, ولتتحول عروش هذه الأنظمة التي ظن حكامها أنهم آلهة, فإذا بهم أصنام من فخار, وبيوت عنكبوتية واهنة يسهل تحطيمها بسهولة ويسر .

فها هي السعودية اليوم ومعها دول مجلس التعاون الخليجي عدا سلطنة عمان وبمباركة صهيوأمريكية بشن غارات جوية ضد دولة اليمن تحت مبرر الدفاع عن الشرعية الدستورية المزعومة للرئيس هادي, وقد تسببت الغارات في استشهاد العديد من اليمنيين وضرب عدة مواقع عسكرية للجيش اليمني وجماعة أنصار الله. وبحسب متتبعين فإن غارات “عاصفة الحزم” التي تقودها العربية السعودية تستند إلى ميثاق جامعة الدول العربية والأمم المتحدة, وتهدف كما هو شائع بين الأوساط العربية والخارجية إلى ضمان الأمن الإقليمي والعالمي ولا سيما عبر بوابة “باب المندب” وما تشكله من طابع استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كما إن التدخل السعودي في الشأن اليمني يهدف إلى منع أي تواجد لأنصار الله وحلفائهم على مستوى صناعة القرار في اليمن, واستقلال الدولة اليمنية من الهيمنة الإيرانية.

كل هذه الأحداث وما أثير مؤخراً حول عودة نقاش ما يسمى بـ”الأمن القومي العربي” يثير عدة تساؤلات حول مدى جدية الأطروحات السعودية ومن يواليها؟

فالسعودية التي تتحدث عن ما يسمى الشرعية باليمن وجب تذكيرها بموقفها أيضاً من الشرعية في فلسطين وأين كان طيرانها عندما كانت غزة تحت النار.؟!

أليست حروب إسرائيل ضد المسلمين وانتهاكاتها المتكررة لسيادة العديد من الدول العربية خطراً على “الأمن القومي العربي” المزعوم؟..

ألا يوجد ضمن ميثاق الجامعة العربية ما يبرّر الدفاع عن أمن هذه الدول وخاصة ما يحدث للفلسطينيين. أم إن ثقافة الهزيمة أمام إسرائيل جعلت اختيار العدو يكون بالخطأ؟ فكانت عاصفة خزي على الأمة الإسلامية.

إن ما قامت به السعودية من غارات حربية على الأراضي اليمنية يفوق وهم خطاب الأمن الإقليمي العربي المزعوم إلى سعي آخر يتجلى في حشد عدة أطراف عربية لتوريطها في صراع اليمن، فالسعودية ودول مجلس التعاون التي فشلت في إيجاد دور لها في ما يجري بسورية والعراق جرّاء الهزائم التي منيت بها العصابات الإجرامية بالعراق والشام، تحاول الاستنهاض من خلال الواقع اليمني، كما إن الحرب السعودية تعدّ نوعاً مما يجوز تسميته بردّ الاعتبار عن الهزائم التي ألحقها أنصار الله بالجيش السعودي في معارك وحروب سابقة، فسعت من خلال حربها على اليمن إلى فتح جبهات تخفف عن ما يتلقاه حلفائها من الجماعات الإجرامية بسورية والعراق من ضربات موجعة.

وا لحقيقة التي غفل عنها الكثيرون هي أن السعودية تحاول البحث عن مكان لها في تدبير ما يجري من تحولات في المنطقة ولا سيما بعدما استأثرت إيران بزمام المبادرة في منطقة الشرق الأوسط, وبروزها كقوة إقليمية جدّ فاعلة نتيجة دبلوماسياتها الناجحة وتقدمها الكبير في مفاوضات >لوزان< وهو وضع جعل المواقف السعودية يتيمة وغير ذات جدوى حتى من قبل الحلفاء الغربيين الذين أدركوا ضرورة التفاوض مع إيران والاعتماد عليها في تدبير قضايا الشرق الأوسط.

 بقلم أم حيدر _ الجزائر

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …