الرئيسية / الرئيسية / مناسبات / ارتقـاءٌ وشهـادة..
الشهيد الصدر

ارتقـاءٌ وشهـادة..

الصمتُ يسودُ السماء, تتلعثَمُ نسماتُ الهواء, ونبرةٌ خَجِلَةٌ تتوارى خلفَ قُضبان حنجرة الوطن..

حقيقةٌ أنْتَ, غَيَّبها الطُغيان, واجتاحَ قَلعتها الظلمُ المُحَتَّمْ..

ها قد مَرَّت سنوات, تتلوها سنوات مِن كبتِ أنفاسِ الحُرِيَّة, عَبَرتْ سريعاً دونَ أن تُقيِم في حَوَمِ الاطمِئنان..

مّرَّرتُكَ في ذاكرتي ذكريات.. آهات.. ونَكآةُ ألَم.. وأفكاري تزاحمَتْ تُنشِدُك بينَ حُرُوفِك.. رَمَقْتُ بطرفي عالمي, كانَ المطرُ يتساقط, والريحُ لَهَا عويلٌ وحنين, ذَهَب بي حيث الشوق, في شتاءٍ جعل فرائص قلمي ترتَعِدْ…

امتزجَتْ أفكاري من شمال مدينتي الطيبة إلى جنوبها حيثُ البحر… تَلَحَفْتُ بين دفاتري التي شاركتني غصات روحي.. وابْتَلَّت قصاصات أوراقي التي كنتُ ادوّن عليها اسمك بدموع الحسرة القابعة في قلبي الحزين..

تعاقبت الثواني واحدة تلو أُخرى, وجَدتُني في ذكراك أعيشُ دوامةَ المشاعر المتأججة..

ثَمَّةَ حرقة مازالت, ولاسبيل لإخراجها, منذ سنوات تتجدد بتجدد ذكرى رحيلك..

سيّدي …

يا غيبةً اغتالوها, ملكت سلاح الكلمة ضِدَّ مَن زرعَ الخوف في قلوب أبنائك..

أنصِت قليلاً لما بداخل الوطن فهو يزج أنفاساً حارقة تلسع الصدر من كبد الواقع ..

ارتحلت في صمتٍ, وسفن قلبك المشرعة تصدُّ رياح الآلام..

مامعنى أن تكون شهيداً؟ هل هو مجرد ذلك الانسلاخ البيولوجي للروح عن الجسد؟ هو ذلك لمن لمْ يرتقي مراتب العرفان, ومتشبثاً بطين خلقته, لكنك بلوتَها بالمعرفة وعرجت في معالم الإدراك, فامتزجت تسبيحاتك مع تسابيح النورانيين ومناجاة الروحانيين..

أطلقت منذ ذلك الوقت العنان لصوت الحق لتعيد الحلم الذي فقده العراق عند مفترق صباحِ حياةٍ موجعة, أقمت اعوجاج حرف الباطل ليصبح حقّاً تجدّ القلم..

فعلى ضفافِ الفرات الهادئ أودَعتَ أحلامك وجسّدت استيعابا كليّاً للحقيقة… قدّمت معانيَ لماهية العقيدة, وانتفضت لتوهن الروح لدينك رغم الخطورة, قدّمت روحك قرباناً بين يدي الحسرات, فسالت الدماء لتوقظَ أحلام أمةٍ معدومةٍ وتكون شموخاً ظلّلته القداسة..

صنعت مجداً تحت طغيان وكبتٍ وأيدي أشباح.. ثار قلبك, فشققتَ جدران صمت الخذلان..

آهٍ يا تلك العِمّة السوداء التي علت رأساً علوياً قابلها قلب فاطمي مُسمَّى بآمنة!

حين اغتسلتَ بدم الشهادةِ رتلتْكَ الساعات المنحورة بسيف الخطايا العفلقية..

رحلت إلى عالم عَشِقَ أن يحتويك, وشيّعت العراق, بكتك عيونه بصمت.. حَبسَ أفّاقه وتعهّد لك بأن سيحمل أحلامك ويثبتها على أرضه, يا فرقداً غاب, وغيّب الفرح, كنت معادلة فاقت حدّ النجاح, فأنت وحدةُ هدفٍ, ووصول مُتقَن, فَنَم في الصدر أيها الوالدُ الراحل…

وعذراً… فقد توقف القَلم وبقي الألمُ يُدوّي, لحظةُ صمت, لحظة حِداد, نقفُ فيها على جثمان قلوبنا والنظر يحوطه الذهول, والدمع يتعبُهُ الهطول..

امسح على رأس العراق من حيث أنتَ! فهو الذي التجأ إلى ظلالك حين كان مرهقاً, سكِّن جراحه فطيفك غاب… ويتَّمه يا صدره الحاني..

عرفانيون أنتم سيدي بل مُصلحون, تأنُّ الأرض حين تعيش في ذاكرة مظلوميتكم..

فسبحان من أسرى في مُحيّا أوليائه… , وأتم على أكُفِّهم إطمئنان..

ألا يا باقر الصدر منّي عليك السلام! …

 مريم الخفاجي _ العـراق

شاهد أيضاً

28_20090825_1076253507

ذو الجناح

لم تتعرض كتب المقاتل والتواريخ لبيان مصير الجواد ذي الجناح بصورة مفصلة، وغاية ما ورد …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *