الرئيسية / الرئيسية / الشهداء أحياء يرزقون
44

الشهداء أحياء يرزقون

“دم الشهيد إذا سقط فبيد الله يسقط, وإذا سقط بيد الله فإنه ينمو”

عبارة حملت أريج الشهادة وأنتثر عبيرها في سماء المقاومة, فتألقت شذى حتى امتزجت بدمٍ كانت له بدل الكافور عطراً..

إنها عبارة خالدة نطق بها شيخ المقاومة الإسلامية في لبنان الشهيد “راغب حرب” الذي سجّل بدمه الزكي أروع آيات الصمود والتحدي في وجه العدو الإسرائيلي..

إن الدين شجرة.. بذرها العقيدة والعلم والإيمان..ماؤها العمل والسير والسلوك نحو الله.. أغصانها الثبات على الحق وعدم الانحراف عنه والفضائل والمكارم والجهاد والفداء والتضحية.. وأعظم هذه الأغصان وأكثرها أوراقاً هو غصن الشهادة في سبيل الله حيث يبذل الإنسان أغلى ما لديه.. روحه التي بين جنبيه..

ولهذا ورد عن النبي الأكرم محمد المصطفى ­‘:

” فوق كل ذي بِرٍّ بِرٍّ حتى يقتل في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بِرٍّ” [1]

ورد أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام:

“ما من قطرة أحب إلى الله عزّ وجل من قطرة دم في سبيل الله”[2]

إن الموت من السنن الإلهية الحاكمية على بني البشر, يموت الكثيرون ولكن لا يخلد إلا القليلون, رجال خالدون..

رجال خالدون.. وهم وإن كانت أعيانهم مفقودة إلا أن أرواحهم بين الناس موجودة, بوجود فكرهم وتضحياتهم, وأولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالأخرة وقاتلوا في سبيل الله واستشهدوا.. ومن هؤلاء المخلدين السيد الشهيد محمد باقر الصدر أعلى الله مقامه, الذي طالما كان يقول:

“إن الأمة تحتاج إلى دمي, إن الأمة لا يوقظها إلا دمي, إن الأمة لا تتحرك إلا إذا أعطيناها دماً”

إن الشهادة هدف مقدس, وإن القتل في سبيل الله هو الطريق للوصول إلى هذا الهدف ولو يعلم الإنسان ما للشهيد من مكانة لأسرع إليها كل إنسان , لأن الشهادة:

أولاً: طريق سلكه كل الأنبياء والأئمة والأولياء, فأصبح إرثاً يتوارت من قبيل كل مجاهد في سبيل الله, فكل مجاهد وشهيد له في هذا الإرث حظ ونصيب..

ذكر الشيخ الفيد في كتابه:

“من صبر على نصرة دين الله صبراً قاده إلى سفك دمه في طاعته تعالى, يكون يوم القيامة من الشهداء الله وأمنائه وممن ارتفع قدره عند الله وعظم محله, حتى صار صدّيقاً عند الله مقبول القول لاحقاً بشهادة الحجج من شهداء الله حاضراً مقام الشاهدين على أممهم من أنبياء الله صلى الله عليهم”[3]

ثانياً: إن المهمة الأساس التي أوكلت إلى الأنبياء, تربية الناس وإصلاح المجتمع وإحقاق الحق والعدالة, وقد تتطلب هذه المهمة في بيعض الأحيان التضحية والشهادة وهذا ما سار عليه كل الأنبياء وأولياء الله عليهم السلام, وهذا ما لأجله كان خروج الحسين عله السلام مه أهله وأصحابه, وتسطير تلك الملحمة المباركة, التي انتهت بشهادته المباركة ومن كان معه من الرجال, إلا من شاء الله أن يحفظهم لغايات لا يعلمها غيره جلّ وعلا, ولأن الهدف من خروج الحسين عليه السلام مقدس, كانت شهادته مقدسة, لأنه وقف في وجه الظلم والطغيان طالباً الإصلاح في أمة جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..

ثالثاً: إن الشهادة هي السعادة الأبدية والدرجة الرفيعة والعزة السرمدية عند الله تعالى.. إنها الطريق لكسر قيود البدن المادي والتحرر من عالم المادة وقيود الزمان والمكان, للتحليق في ذلك العالم , عالم الحق والحقيقة, عالم انكشتق البصيرة والعيش في ظل السعادة الحقبقبة غير الزائفة. هؤلاء الشهداء الذين وصفهم الإمام الخميني (قدس سره) قائلاً:

“إنهم شموع مجالس الخلان لقد سكرهم طيب وصولهم عند ربهم حتى يرزقون, إنهم النفوس المطمئنة التي يخاطبهم ربهم بقوله: ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ “

من هنا أقول… إن السيد الشهيد محمد باقر الصدر قد تجلّت له حقيقة الموقف الذي لا بد له من بذل الدماء والتضحية من أجل الدين, وقد ظن نظام البعث الحاكم في ذلك الزمان أنه إذا قتل السد الصدر, فإنه يقتل كل تحرّك وثورة.. وكم خاب ظنه في ذلك..

عبير شرارة – لبنان

[1] – الكافي, الشيخ الكليني, ج2, ص348.
[2] -وسائل الشيعة, للحر العاملي, ج12, ص177.
[3] -أوائل المقالات, الشيخ المفيد, ص114.

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *