الرئيسية / الرئيسية / السيرة الإصلاحية والتبليغية للشهيدة بنت الهدى
بنت الهدى

السيرة الإصلاحية والتبليغية للشهيدة بنت الهدى

وفقاً لما جاء في كتاب السيرة والمسيرة للشيخ النعماني

من عادت الشعوب والأمم أن تفتخر بعظمائها, وتفرد لدراسة خِصالهم وصفاتهم ندوات ومؤتمرات علمية, وتقيم حلقات دراسية لكي تجعل من سيرتهم وحياتهم منهجاً يُحتذى به, وحريّ بنا ونحن نمتلك عظماء وعظيمات أمثال الشهيد الصدر وأخته العلوية بنت الهدى, أن نخصص دراسات ونفرد بحوث ومقالات لأجل دراسة هذه الشخصيات الفذّة, ونبني على أساس سيرتهما العطرة أجيالنا وننشئ شبابنا.

ولقد احتلت شهيدتنا الغالية بنت الهدى المكان المرموق من بين العظماء, وكان للتميز في شخصيتها أبعاد كثيرة تستحق الوقوف عندها للتأمل, وأنا في هذا المقال اخترت للبحث البعد الرسالي والإصلاحي من حياة هذه العظيمة التي يمكن عدّها بحق هبة العصر وجوهرة الزمن..

* الشهيدة بنت الهدى وملامح النبوغ في التبليغ وإصلاح المجتمع:

ليس الفخر في أن يكون الإنسان عالماً صالحاً زاهداً, ويعيش وسط مجتمع يتألف من مجموعة من الجهّال الغافلين, ولا فضيلة لعابد زاهد أن يقيم وسط ثلّة من الفاسدين الطالحين, لكن الفخر في أن يكون الإنسان صالحا ومصلحاً في نفس الوقت, وإن الفضيلة تكمن في كون العالم مبلغاً ومعلماً في الوقت ذاته.

وقد ورد في القرآن الكريم نفسه مدحاً لأولئك الصالحين, الذين انهمكوا في إصلاح مجتمعاتهم وإنذار قومهم.

ولقد ضربت شهيدتنا الغالية في مجال الإصلاح والتبليغ أروع المثل, ورسمت في التفاني في سبيل إصلاح المجتمع أبهى الصور, فلقد شعت أنوار آمنة الصدر (بنت الهدى) وبزغ نجمها في عالم التبليغ والإصلاح, حتى كادت تغطي على كل أعمال النسوة الأخريات المعاصرات لها.. ولقد كان للشهيدة بنت الهدى دوراً بارزاً في ترسيخ دعائم الصحوة الإسلامية, من خلال بث مقومات الصحوة في نفوس النساء المسلمات.

فمن المعروف أن المرأة تمثل نصف المجتمع, وتساهم في إنشاء النصف الأخر, وبضمان وعيها يتمكن المجتمع ومن ثم الأمة جمعاء من ضمان جيل واعٍ مؤهل للانطلاق في آفاق الصحوة.

* أبرز أعمال الشهيدة بنت الهدى ونشاطاتها الإصلاحية:

كانت الشهيدة رحمها الله رائدة في مجال الإصلاح والتبليغ, وقد تجسد نجاحها الباهر هذا من خلال أعمالها ونشاطاتها العديدة والمتنوعة والتي نستعرضها بشكل مختصر:

1- كانت رائدة في إنشاء مدارس الزهراء في بغداد والكاظمية والنجف, وكان ذلك في عام 1967 م بهدف مواجهة الغزو الثقافي.. ولقد قامت الشهيدة بدور المشرف والموجه لهذه المدارس, حيث اعتمدت المناهج الأكاديمية المعتبرة في المدارس الرسمية الحكومية, بالإضافة إلى الدروس الدينية والتي منها دروس في العقيدة والتربية الإسلامية..

2- التدريس في الحوزات النسوية في النجف الأشرف, حيث كانت تقضي أيام الأسبوع في التنقل بين مدارس الزهراء الأكاديمية والحوزات الدينية في النجف.. ولقد تميز أسلوب تدريسها بالمهارة الفائقة والكفاءة العالية..

3- إقامتها للندوات العلمية والاجتماعية في منزل العائلة, حيث تطرح فيها الأفكار الإسلامية بأساليب تنسجم مع متطلبات العصر ومقتضياته, ولقد كان الهدف الحقيقي لذلك إعداد طالباتها لتحمل المسؤولية في المستقبل لممارسة نفس الدور..

4- أسلوب بنت الهدى الإبداعي في الكتابة والتأليف, حيث وعت رحمها الله إلى خطورة الكتاب ومكانته في المجتمع آنذاك, حيث كان الشباب منهمكين في قراءة الكتب الماركسية.. فاقتحمت الشهيدة رحمها الله بحنكة وجدارة عالم الكتاب واحتلت مكانة مرموقة..

5- رحلاتها التبليغية والإرشادية, فكانت الشهيدة تذهب إلى الحج كمرشدة, تعلم النساء مسائل الحج وأحكامه, إذ أنها كانت من الناحية الفقهية محيطة بفتاوى العديد من المراجع..

6- قيامها باستقبال الضيوف من النساء والاهتمام بتلبية حاجاتهن الفقهية والفكرية والمساهمة في حلّ مشاكلهن العائلية والزوجية.

7- قيامها بدور اللسان المعبر عن المرجعية في الأوساط والمحافل النسوية, فكانت تنقل بأمانة ما يعرض للنساء من مسائل فقهية قد يترددن بسبب الحياء من توجيهها.

8- عملها النضالي ونشاطها الجهادي, فكانت تعد الشهيدة رحمها الله الخطباء السياسيين التي تقود الجماهير للنضال ضد الظلم والديكتاتورية..

* أبرز وأهم الأسباب التي مكنت الشهيدة من التألق والنجاح في عملها الإصلاحي:

لقد حظيت شهيدتنا الغالية بكل أسباب النجاح والتوفيق في خلق مشروع إصلاحي مميز, وهذه الأسباب يمكننا تلخصيها بمحورين هما:

– الرعاية والتربية المميزة…

-الصفات والخصائص الفريدة, فلقد تميزت حياة الشهيدة بنت الهدى على الصعيد الفردي والاجتماعي, بصفات ومؤهلات مكنتها من التربع على قمة النجاح والتوفيق في مهمتها الإصلاحية والتبليغية, وهي كالتالي:

أولاً: على الصعيد الفردي, المطالع لسيرة شهيدتنا الغالية يجد صفات فريدة على الصعيد الفردي والشخصي, وهي صفات جعلتها مهيأة للتألق في مجال التبليغ والإصلاح, ومن أبرز هذه الصفات:

أ- العبادة والتهجد.

ب- حب المطالعة والسعي الحثيث نحو تحصيل العلم والمعرفة.

ج- التحرك وفق برنامج محدد وهدف مرسوم.

د- سعة الصدر والتفاؤل.

ه- العزوف عن الدنيا والابتعاد عن أسباب الشهرة.

و- الوعي لمتطلبات الزمان والإلمام بحاجات العصر.

ز- الاعتدال والموازنة وعدم الإفراط أو التفريط.

ثانياً: على الصعيد الاجتماعي, إن أهم وأبرز صفة تمتعت بها السيدة الشهيدة بنت الهدى والتي مكنتها من النجاح في مجال الإصلاح والتبليغ, كونها إنسانة اجتماعية تحب الاختلاط بالناس والاقتراب منهم, حيث كانت تحمل صفات وخصال خاصة تجذب كل من تعرف إليها ومن أبرز هذه الخصال الحميدة:

أ- التواضع ونكران الذات.

ب- حسن الخلق.

ج- حب الخير والإحسان للناس.

وهكذا ومن خلال تمتعها بهذه التربية المميزة وحيازتها على هذه الخصال الفريدة, أصبحت الشهيدة بنت الهدى رائدة الاصلاح والجهاد النسوي في عصرنا الحالي..

بقلم محمد منذر العامري – العراق

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *