الرئيسية / الرئيسية / الإسلام في زنجبار
زنجبار

الإسلام في زنجبار

نبـذة عن زنجبــار

زنجبار عدة من الجزر ، تقع في المحيط الهندي ، على بعد عشرين ميلاً من الساحل الأفريقي الشرقي ، و أكبر هذه الجزر جزيرتان : أنفوبا (Unguja) ، وبمبا (Pemba) . وتبلغ مساحة الأولى نحو ستمائة وأربعين ميلاً مربعاً ، كما تبلغ الأخرى ثلاثمائة وثمانين ميلاً مربعاً .

خضعت زنجبار لحكم ملوك وطنيين ذوي أصول عربية وأخرى يرازية ، قسموا هذه الجزر إلى مماليك شتى . ثم سقطت تحت حكم البرتغال ثم حكمها سلاطين عمانيون في الفترة الأولى واستمروا في الحكم بمشاركة المستعمر الإنجليزي . وبعد الثورة الانقلابية عام 1964م بدأ الحكم الشعبي تحت جمهورية تنزانيا الاتحادية.

وزنجبار – كما هو الحال في جزر العالم أجمع – قد عاشت فيها أنواع مختلفة من أصناف البشرية . فنجد فيها إفريقياً، وعربياً ، وفارسياً ، وهندياً ، وقمرياً ، وغيرهم.

وقد كانت زنجبار من أغنى الدول في العالم أيام السلاطين العمانيين ، لما كانت أكبر منتج للقرنفل في العالم.

لغة زنجبار السواحلية ، وعملتها شلنغ (Shilling ) و نسبة المسلمين فيها 99% ، إلا أنها الآن أقل من 90% ، وذلك نتيجة للحركات التبشيرية.

هذا وقد كان لهذا البلد الإسلامي العريق تاريخ فاخر ، حيث كان مبعث الأمل ومنطلق الإسلام وحصنه الحصين.

 

دخول الإسلام و وضع الثقافة الإسلامية في زنجبار

دخل الإسلام إلى زنجبار في القرن السابع الميلادي ( أو القرن الأول الهجري ) وذلك بفضل أبناء عباد بن الجلندي ، الذين هاجروا إلى شرق إفريقيا بعد خسران ثورتهم التي قاموا بها ضد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان وذلك في عام 695م، (65هـ ) و كان لهم قدم سبق في نشر الإسلام في هذه المنطقة.

ثم بعد ذلك أتى إلى زنجبار وفود إسلامية كثيرة ، منها وفد الزيديين في عام 739م ، ووفد النبهانيين في عام 1204م . ومن 1697م زادت الهجرات من جنوب الجزيرة العربية قام بها اليعربيون العمانيون والبوسعيديون الذين كان لهم الولاية والسيـادة في ساحل شرق إفريقيا.

وعندما نقل السطان سعيد العاصمة العمانية إلى زنجبار عام 1832م بلغت هذه الهجرات ذروتها حيث كان يأتي إلى زنجبار أفواج من المسلمين الذين غرسوا نواة الإسلام إيماناً وثقافةً في قلوب الزنجباريين الأفريقيين الذين كانوا يدينون بالوثنية ، فنبتت النواة بإذن الله نباتاً حسناً وترامت فروعها إلى أطراف زنجبار كلها ، بل وما حولها ، فكانت ثمار ذلك أن وصلت نسبة المسلمين إلى 99 % في تلك المدينة .

عاش الناس فيها مسلمين متعاونين متحابين مع اختلافهم أصلاً ولوناً ومذهباً . فقد كان فيهم أفريقي بانتوي ، وعربي خليجي وحضرمي وعماني ، وفارسي وشيرازي ، وكان منهم خليط الدم مزيج اللون ، بين هذا وذاك ، كما كان فيهم كذلك أقوام أخر من شبه القارة الهندية ومن الشرق الأقصى ومن الصومال .

كوّن هؤلاء جميعاً جيلاً جديداً ، رضوا بالإسلام ديناً وبالتعليمات المحمدية معاملة وخلقاً . ساد فيما بينهم التسامح المذهبي فلم يكن شافعي يتعالى على حنفي ، ولا سني و لا أباضي أو شيعي ، بل حتى الأقلية المسيحية والوثنية عاشت جنباً إلى جنب مع الأغلبية المسلمة تحت مظلة التعاطف والتسامح والإنصاف .

و قد انتشرت في هذا الجيل الجديد الثقافة الإسلامية بصورة عجيبة ، حيث تأثر بها المسلم وغير المسلم . فكانت تطغى الطقوس المستمدة من الثقافة الإسلامية على الطقوس المسيحية والثنوية في كافة المناسبات لدى حياة الإنسان كالميلاد … ففي الميلاد تبدو عادة ذبح العقيقة في اليوم السابع من ميلاد الطفل سلوكاً اجتماعياً عاماً لدى المسلم والوثني ، بل حتى في المظاهر الخارجية ، فالنساء المسيحيات مثلاً كنّ يرتدين حجاباً إسلامياً ساتراً للبدن كله عدا الوجه والكفين ، بحيث لا يفرق بينهن وبين النساء المسلمات .

أجل , انتشر الإسلام في الجزيرة كلها عقيدة وعبادة ومعاملة وخلقاً ولغة. و دخل الناس في الإسلام أفواجاً ، فبنوا المساجد و دور القرآن كمراكز ثقافة ، لإجل أن يصبح المجتمع الزنجباري مثالياً في المعامل الإسلامية والأخلاق الكريمة , و ليسود فيهم الإحسان والصدق والعدل والأخوة. فكان إذا جاء شهر رمضان تجد الناس يفطرون جماعات في المدن والقرى خارج البيوت ليلتحق بهم أبناء السبيل .

أما بالنسبة للغة العربية ، التي هي عنصر مهم للثقافة الإسلامية ، فقد انتشرت سريعاً ، بحيث أن اللغة السواحلية كتبت لأول مرة بحروف عربية . هذا ، وكم من كلمات سواحلية عربية الأصل ، وأصوات عربية أضيفت إلى اللغة السواحلية .

و قد بدأ هذا الانتشار للغة العربية قبل الإسلام ، وذلك بحكم العلاقات التجارية بين العرب وأفريقيا , ثم ازداد هذا الانتشار الواسع لهذه اللغة بعد انتشار الإسلام . فالوازع الديني كان وراء اندفاع المسلم لمعرفة هذه اللغة , حيث إن الجوانب التعبدية والنواحي الثقافية الدينية تحتّم عليه معرفة شيء من اللغة العربية بصورة أولية , فبها يقرأ القرآن الكريم ، وبها يصلي بين يدي ربه ، بل حتى في التحية و السلام ، فلهذا ولأسباب أخرى توغلت اللغة العربية في أوساط المجتمع الزنجباري حتى أصبحت لغة رسمية بجانب أختها اللغة السواحلية . فقد كانت خطب السلاطين والزعماء والدعاة تلقى بالعربية ، وكانت أكثر الصحف والمجلات تكتب بها ، و حتى التي كتبت بالسواحلية فإنها دونت بحروف عربية .

إن هذا الإنجاز العجيب يعود إلى التفوق الأخلاقي الذي كان يتمتع به الدعاة الأوائل ، فقد كانوا نماذج يقتدى بهم في الثقافة والأخلاق ، فكان اعتناق الإفريقي للإسلام يعد فخرا لهً ، لأنه دين النظام والصدق والأمانة , و طبيعة ثقافته تتماشى مع العرف المحلي والتقاليد المحلية التي لا تعارض الشريعة الإسلامية .

 

عوامل نشر الثقافة الإسلامية في زنجبار

بعد وصول المهاجرين والتجار من الجزيرة العربية وفارس و دخول الإسلام لبلاد زنجبار , لم يلبث إن انتشرت ثقافته خطوة بعد أخرى في المجتمع الزنجباري . و هذا الانتشار لم يكن حربياً ولم يكن وراءه أي نوع من العنف وإنما كان انتشاراً سلمياً . فلم يجد المهاجرون من الذين تبوأوا الدار من قبلهم إلا الحب والترحيب .

ويرجع هذا إلى قِدمِ التعارف وحسن التعامل والتمازج بين الوافدين والمقيمين . فقد تعارف العرب والإفريقيون منذ القرن الثاني للميلاد ، فتعاملوا تجارياً وتعايشوا اجتماعياً فتزاوجوا وتصاهروا ، واختلطوا لغوياً حتى جاء الإسلام في القرن السابع الميلادي ، فوجد الطريق ممهداً والبلاد مفتوحة فنزل مكاناً سهلاً ، ضيفاً مكرماً .

أما العوامل التي لعبت دوراً مهماً في نشر الثقافة الإسلامية فهي كالآتي :

أولاً : المهاجرون والتجار من العرب

أشرنا في المبحث السابق أن الاختلاف السياسي بين المسلمين الذي كان يحدث في الجزيرة العربية دفع الطوائف الخاسرة من أطراف النزاع إلى الهجرة ، وكان شرق إفريقيا من المناطق التي حظيت بتلك الهجرات المباركة . فقد كانت وفود كثيرة تأتي بين كل زمن وحين . وكانوا يقومون بالدعوة الإسلامية ونشر الثقافة الإسلامية . وقد تم ذلك بالمعاملة الحسنة قبل الكلمة الطيبة . فكم أسلم من الإفريقيين تأثراً بحسن معاشرة المسلمين لهم .

وكلما أسلموا أقاموا مسجداً ليكون مركزاً للثقافة الإسلامية فضلاً عن كونه محلاً للعبادة . فقد كانت المساجد مراكز اجتماع المسلمين لمناقشة قضاياهم الهامة وللتذكير والوعظ والإرشاد ، وكذلك لتعليم الدين والقرآن الكريم للكبار والأطفال ذكوراً وإناثاً و اعتادوا على بناء الدور لتعليم القرآن الكريم حفظاً وقراءة وكتابة وكذلك الفقه واللغة العربية .

هذا قبل نفوذ السلاطين العمانيين في القرن الثامن عشر . أما بعد استقرار نفوذهم فيها نشطت الحركات التعليمية الإسلامية فقد جعلوا هذا النظام التعليمي رسمياً . وقد حرص السلاطين الأوائل أثناء حكمهم لزنجبار على تعليم اللغة العربية والدين وكان لذلك الأثر الكبير في حفظ اللغة العربية والدين في الجزيرة .

ثانياً : المؤسسات الإسلامية

لقد قامت مؤسسات إسلامية متعددة بنشر الثقافة الإسلامية في زنجبار من خلال تأليف الكتب المنهجية الإسلامية و إنشاء المدارس و توزيع المصاحف و بناء المساجد و شرح مبادئ الإسلام و تحفيظ القرآن و إلقاء المحاضرات الدينية و إرسال الطلاب الأفريقيين إلى الجامعات الإسلامية .

ثالثاً : إدارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

وهي إدارة حكومية ، تقوم برعاية شؤون الحج وتقديم التسهيلات الإجرائية للحجيج و الإشراف على تطبيق القانون الإسلامي في مجال الأحوال الشخصية ، مثل النكاح والطلاق والنفقة والميراث ، وكذلك تهتم بالمناسبات الإسلامية كالاحتفال بالأعياد في المولد النبوي والفطر والأضحى.

رابعاً : المشايخ و العلماء

أما المشايخ وعلماء الدين فقد سعوا سعياً مشكوراً لنشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية . فقد قاموا بنشرها في حلقاتهم ودروسهم الخاصة في بيوتهم و في المساجد ، فهم الذين علموا ولا يزالون يعلمون الناس الفقه والتفسير والحديث والسيرة والأخلاق واللغة العربية قبل وجود الجامعات والمعاهد والمدارس الحكومية وبعد وجودها.

فهؤلاء العلماء لهم الفضل في انتشار الثقافة الإسلامية في أيام كان الإهمال الحكومي والإنكار الاستعماري والتكاسل الاجتماعي يهيمن على البلد , فقد بذلوا جهودهم بدون مقابل مادي إلا بعض الهدايا التي كان يقدمها طلابهم أحياناً .

أنيل حمد علي _ زنجبار

المصادر :

1- المؤثرات الإسلامية والمسيحية على الثقافة السواحلية ، للدكتور عبد الرحمن أحمد عثمان .

2 – حقائق تاريخية عن العرب والإسلام في إفريقيا الشرقية ، لمحمد أحمد مشهور الحداد .

3-   كتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربي ، للدكتور با بكر حسن قدرماري   .

4-  العلاقات العربية الأفريقية : دراسات تاريخية للآثار السلبية للاستعمار ، للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم .

شاهد أيضاً

21445185332_f463abf699

درس من حياة فاطمة”س”

  قد نكون واجهنا صعوبات وخسارات مادية هائلة لإتمام عمل معين, أو حتى في جريان …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *