الرئيسية / الرئيسية / الإمام الخميني “ره” وخدمة الناس
خميني

الإمام الخميني “ره” وخدمة الناس

لطالما كانت الخدمة هي الهم الشاغل والشعار الذي يختزل حركة الإمام الخميني “ره” حتى أنس الإمام “ره” بكلمة خادم وكان يلقب نفسه بهذا اللقب ويصر عليه ويردد إنني خادم للشعب ولهذه الأمة والدين…

الخدمة كانت تعني الكثير للإمام الخميني”ره” ليس على مستوى المفاهيم والكلمات فحسب بل حتى على مستوى الممارسة والحياة، كانت أيامه وساعاته بل لحظاته وأنفاسه تحمل في طياتها كل أنواع الخير والبركة للمجتمع وللأمة وللأفراد فرداً فردا.ً

خدمة الناس هي خدمة اللّه تعالى

تحمل خدمة الناس الطابع الأساسي للأديان؛ بحيث لم يرسل الله نبياً ولم ينزل كتاباً إلا لخدمة الناس والبشرية كافة؛ وهنا نجد أن الله يخاطب نبيه الكريم في كتابه العزيز: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[1] فيبين أن الهدف من بعثة الأنبياء هو إخراج الناس من ظلمات الجهل التي كانت تعم الجتمع البشري، فلذلك تعتبر خدمة الناس أهم عنصر في الإنسانية.

ورد عن النبي “ص”: الخلق كلهم عيال الله فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله[2] وعن الإمام الصادق”ع”: «سئل رسول الله “ص” من أحب الناس إلى الله؟ قال: أنفع الناس للناس.[3]

فالأنبياء والأوصياء أعمالهم وخدمتهم هي في طريق حب الله تعالى وقربه {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا}.[4]

يقول الإمام الخميني “ره”:جاء الإسلام لأجل المستضعفين، فهم أولى بالخدمة من غيرهم.

هل الخدمة الإنسانية تقلل من شأن الخادم؟

كان الإمام الخميني”ره” يؤكد على أن الخدمة الإنسانية لا تقلل من قيمة الخادم وشأنه إذ انه كان يقول: “ليهيئ الأحبة الأعزاء أنفسهم لخدمة الإسلام والشعب المحروم، وليشدوا الأحزمة لخدمة العباد التي تعني خدمة الله”.

يشير الإمام الخميني”ره” إلى أن المسؤولية الإنسانية التي ألقاها الله تعالى على عاتق الإنسان والتي ينبغي تحملها والالتفات إليها هي خدمة الناس، فالخدمة هي محور حركة الإنسان في هذه الدنيا.

فخدمة الناس هي عبادة تقرب إلى الله تعالى وعلينا أن نقصد بها وجهه جل وعلا خصوصاً إذا كانت خدمة نرفع بها حرمان المحرومين ونلبي بها حوائج المحتاجين. خدمة الناس تعني خدمة الله تعالى، هي حقيقة أشارت إليها العديد من الروايات عن المعصومين عليهم السلام.

فهناك وصية لأمير المؤمنين للحسنين عليهما السلام:”وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً”.[5]

فليس المنصب هو تعالٍ على الناس ولا ترفع عنهم بل هو على العكس من ذلك، إذ أنّ المنصب في الحقيقة هو خدمة الناس، وكلما ارتفع المنصب كلما قويت الخدمة وتأكدت، يقول الإمام الخميني”ره”: “يجب أن تزداد الخدمة، فكلما ارتفع الإنسان درجة يجب أن يزداد تواضعه للناس ولو تحقق هذا الأمر وتنبهنا إلى مثل هذه الأمور واعتبرنا من التاريخ فإن جميع القوى يمكنها أن تكسب قاعدة جماهيرية تحفظها”.

كان الإمام الخميني”ره” يردد عبارات مفادها: سأبقى خادماً للجميع، خادماً للشعوب الإسلامية، خادماً للشعب الإيراني، خادماً للجامعيين ولعلماء الدين، خادماً لجميع الشرائح الاجتماعية في الوطن وبل كل البلاد الإسلامية وكل مستضعفي العالم.

كما قال”ره”: إن استلام الحكم في حد ذاته لا يعتبر شأنا أو مقاماً، بل وسيلة لأداء مسؤولية تطبيق الأحكام وإقامة النظام الإسلامي العادل. كما كان يقول: >أوصي الجميع ببذل سعيهم من أجل رفاهية الطبقات المحرومة إذ أن خير دنياكم وآخرتكم هو في حل مشاكل المحرومين، الذين كانوا يعانون دوماً على طول التاريخ الملكي والاقطاعي.

ثواب إدخال السرور على قلب المؤمن

وإن أفضل سرور يمكن أن ندخله على قلب المؤمن هو أن نقضي حوائجه لتقر بذلك عينه. ورغم أن الثواب يظهر في الآخرة، إلا أن الله سبحانه وتعالى يعجل بثواب الدنيا قبل الاخرة لأهل الخدمة، ويعدهم برحمته فيها قبل ثوابه وفضله في الاخرة، وهناك العديد من الروايات التي تشير إلى ذلك. ففي الرواية عن الإمام الصادق”ع”: من يسَّر على مؤمن وهو معسر يسر الله له حوائجه في الدنيا والآخرة.[6]

وقد ركز الإمام الخميني”ره” على بعض الشرائح في المجتمع وأشار إلى ضرورة خدمتهم، ومن هذه الشرائح:

1 ـ المجاهدون

يقول الإمام الخميني”ره”: مرة أخرى أوصي المسؤولين المحترمين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وصية ونصيحة دائمة أن يعرفوا قدر هذه النعم الإلهية العظيمة وأن يعطوا الأولوية في الظروف الحالية وفي المستقبل البعيد لهؤلاء الأعزة الذين جاهدوا وضحوا بدمائهم من أجل الإسلام.

2 ـ الإخوة في الدين

سئل رسول الله “ص” أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: اتباع سرور المسلم، قيل: يا رسول الله وما اتباع سرور المسلم؟ قال: شبعة جوعه، وتنفيس كربته، وقضاء دينه.[7]

كما قال “ص”: إن الله في عون المؤمن مادام المؤمن في عون أخيه المؤمن….[8]

إن خدمة الناس ليست مجرد شعار يستحضره الإنسان ليطلقه عند حماسه ويتغنى به في عروضه ومناظراته، بل هو برنامج لا بد أن ينتهجه وخطوات لا بد أن يسير عليها، فما لم تتحول الخدمة من مجرد شعار إلى برنامج وخطوات عملية مدروسة ومنسقة ومتكاملة لن تتمكن من تحقيق أهدافها، ولن تكون جدية.

وقد تكون الخدمة دعاءً يدعوه المؤمن بحق أخيه المؤمن. فعن الإمام الصادق”ع”:وما من مؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا وكل الله به ملكاً يقول: ولك مثل ذلك.[9]

ويمكن أن تكون الخدمة على شكل كلمة تشكل نصيحة يحتاج إليها الناس، وتساعدهم على حل مشاكلهم.

3 ـ الطبقات الضعيفة

يقول الإمام الخميني”ره”: كم هو جميل أن تعمل الطبقات المتمكنة (مادياً) وبصورة تطوعية على توفير المسكن والرفاه لبعض ساكني الأكواخ، وليطمئنوا بأن في ذلك خير الدنيا والآخرة.

يحدد الإمام الخميني الهدف من خدمته للناس فيقول: أننا نخدمهم من باب الوفاء ببعض حقوقهم، نخدمهم وهم أهل الكمال، لا شفقة ورحمة لرفع النقص المادي.

فمن خطب الإمام الخميني:

“لا تتعب نفسك للحصول على مقام مهما كان سواء المقام المعنوي أو المادي متذرعاً بأني أريد أن أقترب من المعارف الإلهية أكثر أو أني أريد أن أخدم عباد الله، فإن التوجه إلى ذلك من الشيطان، فضلاً عن بذل الجهد للحصول عليها والموعظة الإلهية الفريدة اسمعها بالقلب والروح واقبلها بكل قوتك وسر في خطها» {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى}.[10]

كما يقول”ره”:علينا أن لا نرى أنفسنا أبداً أصحاب مِنَّة على خلق الله عندما نخدمهم، بل هم الذين يمنون علينا حقاً لكونهم وسيلة لخدمة الله جل وعلا

نعم هكذا كان الإمام الخميني”ره” متأسيا بجده الأكرم”ص” كان قدوة ومثالاً للاخلاق الحميدة، رجلا خالداً في التاريخ. فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حياً.

 ندى الحجاج ـ العراق

[1] إبراهيم14/1.

[2] الرسالة السعدية: 160.

[3] الكافي2: 164.

[4] الإنسان67/ 9.

[5] ميزان الحكمة2: 1780.

[6] ثواب الأعمال: 135.

[7] بحار الأنوار71: 283.

[8] بحار الأنوار71: 312.

[9] مستدرك الوسائل12، باب استحباب نفع المؤمن: 389.

[10] سبأ34/ 46.

شاهد أيضاً

21445185332_f463abf699

درس من حياة فاطمة”س”

  قد نكون واجهنا صعوبات وخسارات مادية هائلة لإتمام عمل معين, أو حتى في جريان …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *