الرئيسية / الرئيسية / حرّة بنت حليمة السعدية مع الحجاج بن يوسف الثقفي
IMG-20150305-WA0012

حرّة بنت حليمة السعدية مع الحجاج بن يوسف الثقفي

لمّا وردت حرَّة بنت حليمة السعدية على الحجّاج بن يوسف الثقفي، فمثلت بين يديه..

قال لها: أنت حرَّة بنت حليمة السعدية؟

قالت له: فراسة من غير مؤمن!

فقال لها: الله جاء بك فقد قيل عنك: إنّك تفضّلين عليّا على أبي بكر وعمر وعثمان. فقالت: لقد كذب الذي قال: إني أفضّله على هؤلاء خاصّة.

قال: وعلى من غير هؤلاء ؟

قالت: أفضّله على آدم ونوح وإبراهيم وداود وسليمان وعيسى بن مريم – عليهم السلام –

فقال لها: ويللك إنّك تفضلين علي على الصحابة وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من أولي العزم من الرسل ؟ إن لم تأتني ببيان ما قلت، ضربت عنقك .

فقالت : ما أنا مفضّلته على هؤلاء الأنبياء ، ولكنّ الله عزّ وجلّ فضّله عليهم في القرآن بقوله عزّ وجلّ في حقّ آدم : (وعصى آدم ربه فَغوى) وقال في حق علي : (وكان سعيهم مشكورا) .

فقال : أحسنت يا حرّة ، فبم تفضليه على نوح ولوط ؟

فقالت : الله عزّ وجلّ فضّله عليهما بقوله : (ضَرب الله مَثلاً للذين كَفروا امرأة نوح وامرأة لوطٍ كانَتا تَحت عَبدين من عِبادِنا صالِحين فَخانتاهُما فَلم يُغنيا عَنهما مِن الله شيئاً وقيل ادخلاالنار مع الداخلين) وعليُ بن أبي طالب كان ملاكه تحت سدرة المنتهى، زوجته بنت محمد فاطمة الزهراء التي يرضى الله تعالى لرضاها ويسخط لسخطها.

فقال الحجاج : أحسنت يا حرّة فبمَ تفضّلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله؟

فقالت : الله عزّو وجلّ فضّله بقوله: (وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنَّ قلبي)

ومولاي أمير المؤمنين قال قولاً لا يختلف فيه أحد من المسلمين: (لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا)، وهذه كلمة ما قالها أحد قبله ولا بعده.

فقال: أحسنت يا حرّة فبمَ تفضّليه على موسى كليم الله؟

فقالت: يقول الله عزّ وجلّ : (فخرج منها خائفاً يرتقب) وعليُ بن أبي طالب – عليه السلام – بات على فراش رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم – لم يَخَفْ حتّى أنزل الله تعالى في حقه : ( وَمَن النّاس مَنْ يَشري نفسه ابتغاء مَرضات الله) .

قال الحجاج : أحسنت يا حرّة فبم تفضّليه على داود وسليمان -عليهم السلام – ؟

قالت : الله تعالى فضّله عليهما بقوله عزّ وجلّ : (يا داود إنّا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتّبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) .

قال لها : في شيء كانت حكومته ؟

قالت : في رجلين رجل كان له كرْم والآخر له غنم، فنفشت الغنم بالكرم رعته فاحتكما الى داود -عليه السلام – فقال: تُباع الغنم ويُنفق ثمنها على الكرم حتى يعود الى ما كان عليه، فقال له ولده لا يا أبه بل يؤخذ من لبنها وصوفها، فقال الله تعالى : (ففهمّناها سليمان) .

وإن مولانا أمير المؤمنين علياً، ـ عليه السلام ـ قال : سلوني عما فوق العرش، سلوني عما تحت العرش، سلوني قبل أن تفقدوني، وإنه ـ عليه السلام ـ دخل على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يوم فتح خيبر فقال النبي ـ صلى عليه وآله وسلم ـ للحاضرين: أفضلكم وأعلمكم وأقضاكم عليُ.

فقال لها: أحسنت فبم تفضّليه على سليمان؟

فقالت: الله تعالى فضّله عليه بقوله تعالى: (ربِ هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي).

ومولانا أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ قال: طلقتك يا دنيا ثلاثاً لا حاجة لي فيك، فعند ذلك أنزل الله تعالى فيه: (تلك الدار الآخرى نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً).

فقال : أحسنت يا حرّة فبم تفضّلينه على عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ ؟

فقالت : الله تعالى عزّ وجلّ فضله بقوله تعالى: (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس أتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ٍ إن كنت قلته فقَد علمته تَعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنّك أنت علام الغيوب , ما قلت لهم إلا ما أمرتني به) فأخر الحكومة إلى يوم القيامة, وعلي بن أبي طالب لمّا ادَعوا النصيرية[1] فيه ما أدعو، قتلهم ولم يؤخر حكومتهم, فهذه كانت فضائله لم تعد بفضائل غيره .

قال : أحسنت يا حرّةَ خرجت من جوابك، ولولا ذلك فكان ذلك، ثم أجزاها وأعطاها وسرّحها سراحاً حسناً رحمة الله عليها .

 

المصدر: كتاب عن بحار الأنوار

        فاطمة الحكيم ـ العراق

 

[1] النصيرية : طائفة من الغلاة السبأية وملخص مقالتهم في الأئمة من أهل البيت عليهم السلام , أنهم روح اللاهوت . عن المجلسي

شاهد أيضاً

21445185332_f463abf699

درس من حياة فاطمة”س”

  قد نكون واجهنا صعوبات وخسارات مادية هائلة لإتمام عمل معين, أو حتى في جريان …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *