الرئيسية / الرئيسية / حديث حول القرءان…
quran_bildergalerie02

حديث حول القرءان…

بمناسبة شهر رمضان

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) البقرة ١٨٥ صدق الله العلي العظيم .

وقد ورد في الحديث الشريف ما مضمونه بأن شهر رمضان هو ربيع القرءان، وقد روي عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في خطبته باستقبال هذا الشهر الكريم:(فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه) ثم قال: (ومن تلا فيه آية من القرءان كان له مثل أجر من ختم القرءان في غيره من الشهور).

ويا حبذا لو ينتهز الصائم فرصة هذا الشهر المبارك ويبدأ عملية حفظ كتاب الله العزيز، فإن ذلك من أعظم القربات التي تجلب أجزل الحسنات للمؤمنين والمؤمنات، وقد دأب المسلمون على حفظ القرءان المجيد عن ظهر قلب منذ عصر الرسالة وإلى وقتنا الحاضر، كما اهتمت الجمهورية الإسلامية المباركة بهذه الممارسة الخيّرة وأقامت العديد من المحافل القرءانية لهذا الغرض النبيل.

قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).

لا شك أن عملية الحفظ تحتاج لكي تتم بشكل صحيح إلى اجتياز عدة مراحل تختلف باختلاف الظروف المحيطة بالشخص الذي يريد حفظ المصحف الشريف، فمثلاً تختلف أساليب التحفيظ حسب عمر الفرد ومستواه الثقافي ومدى معرفته باللغة العربية، لأن الحفظ الكامل يعتمد على فهم المعنى بالأضافة إلى صحة النطق. لذلك ينبغي لمن يريد حفظ القرءان الكريم وفهم معانيه أن يتعلم اللغة العربية بما في ذلك قواعد النحو والصرف والبلاغة. فقد أكد سبحانه وتعالى على مسألة ان القرءان نزل باللغة العربية وذكر ذلك في عشر آيات بينات، فقد قال عز من قائل: (إنا أنزلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون) يوسف ٢، وقال تعالى: (إنا جعلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون) الزخرف ٣، وقال عزوجل: (وكذلك أوحينا إليك قرءاناً عربياً) الشورى ٧، وقال جل وعلا: (وكذلك أنزلناه قرءاناً عربياً) طه ١١٣، وقال سبحانه: (قرءاناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون) الزمر ٢٨، وقال: (كتاب فصلت آياته قرءاناً عربياً لقوم يعلمون) فصلت ٣، (وكذلك أنزلناه حكماً عربياً) الرعد٣٧، (وهذا كتاب مصدق لساناً عربياً) الأحقاف١٢، (وهذا لسان عربي مبين) النحل ١٠٣، (بلسان عربي مبين) الشعراء ١٩٥.

من الممكن تقسيم مراحل حفظ أو تحفيظ الكتاب المجيد إلى أربع:

١- مرحلة الإستماع: قال تعالى: (وإذا قرئ القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) الأعراف ٢٠٤.

ويستطيع الشخص في هذه المرحلة الاستماع إلى قراءة شخص معين يتتلمذ على يديه، أو عن طريق الإستماع إلى تلاوة مقرئين معروفين عن طريق الإذاعات أو الفضائيات أو الأقراص والأشرطة المسجلة أو باستخدام الحاسوب أو الأجهزة اللوحية أو الهواتف الجوالة وغيرها.

وينبغي للمتعلم أن يختار تسجيلات لمقرئين ذوي أصوات جهورية صافية ويرتلون القرءان ببطء ووضوح في مخارج الحروف، وعليهم أن يعيدوا الاستماع مراراً وتكرارا كي ترسخ الآيات في أذهانهم.

٢- مرحلة القراءة: قال تعالى: (إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم) العلق ١-٣.

وتتم القراءة إما من المصحف الشريف مباشرة أو من كراريس الأجزاء أو الأحزاب القرءانية أو بواسطة الأجهزة الحديثة المذكورة في المرحلة السابقة

٣- مرحلة الكتابة: قال جل من قائل: (الذي علم بالقلم ) العلق ٤، وقال تعالى: (ن والقلم وما يسطرون) القلم ١.

إذ أن الكتابة مهمة جداً في ترسيخ العبارات والمعلومات في الذهن.

٤- مرحلة التلاوة (بدون قراءة من كتاب، أي عن ظهر قلب): قال تعالى: (اتل ما أوحي إليك من الكتاب) العنكبوت ٤٥، وقال سبحانه: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون) البقرة ١٢١،وقال عزوجل: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور) فاطر ٢٩.

فهذه هي المرحلة الأخيرة والمهمة في عملية التحفيظ، وهنا يأتي دور الطرائق المختلفة التي تستخدم لهذا الغرض ومنها الوسائل السمعية والبصرية والتقنيات الحديثة التي تحفز الذاكرة وترسخ المعلومة في الذهن.

أما فيما يتعلق بكمية الآيات التي تحفظ مثلاً في اليوم الواحد فتختلف باختلاف القابليات ويفضل استخدام عدد الأسطر أو أقسام الصفحات كالنصف أو الربع بدلاً من عدد الآيات بسبب الإختلاف الكبير في طول الآيات.

البعض يفضّل حفظ القرءان حسب التسلسل الموجود في المصحف الشريف، أي إبتداءً بسورة الفاتحة وانتهاءً بسورة الناس، والبعض الآخر يفضّل أن يبدأ بالسور القصار الموجودة في الجزء الثلاثين، ثم ينتقل إلى السور الأطول فالأطول، أي يبدأ من نهاية المصحف وينتهي بسورة البقرة.

وينبغي للقارئ أن يلتزم بعلامات الوقف ومصطلحات الضبط وقواعد التجويد لمن يريد أن تكون قراءته دقيقة ومتقنة. وهناك في الوقت الحاضر طريقتان شائعتان لتلاوة القرءان الكريم: الترتيل والتجويد.

قال جل وعلا: ( ورتل القرءان ترتيلا) المزمل٤. وتفضل طريقة الترتيل بالنسبة للقارئ الاعتيادي، إلا إذا أراد أن يكون مقرئاً محترفاً، أما بالنسبة للقراءات السبع التي تختلف اختلافات بسيطة حسب اللهجات التي كانت سائدة يومذاك في الجزيرة العربية ، فلا يحتاجها القارئ أو الحافظ الاعتيادي الذي يفضّل له أن يختار القراءة الشائعة في بين المسلمين.

وختاماً فأن عملية حفظ القران الكريم تحتاج إلى جهد ومثابرة وعزيمة وهمة وتخطيط وتصميم وتنفيذ ودقة والتزام بالمواعيد من أجل الوصول إلى الهدف الأسمى والفوز بالنعيم المقيم بالنسبة للمؤمنين الذين لا يكتفون بالحفظ والتلاوة وإنما يتدبرون القرءان ويطبقون أحكامه. قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب أقفالها ) محمد ٢٤، وقال عز من قائل: (وننزل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الإسراء ٨٢ صدق الله العلي العظيم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 بقلم: د.نزار الحيدري- العراق

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …