الرئيسية / الرئيسية / في أزقة التأريخ
ابوطالب

في أزقة التأريخ

إيمان أبي طالب (رض)

يذكر الشهرستاني صاحب كتاب «الملل والنحل» وغيره من علماء السنة, أنّ سماء مكّة قد حبست بركتها عن أهلها سنة من السنين، فواجه الناس سنة جفاف شديد، فأمر أبو طالب أنّ يأتوه بابن أخيه محمّد’، فأتوه به وهو رضيع في قماطه، فوقف تجاه الكعبة، وفي حالة من التضرع والخشوع أخذ يرمي بالطفل ثلاث مرات إلى أعلى ثمّ يتلقفه وهو يقول: يا ربّ بحق هذا الغلام اسقنا غيثا مغيثا دائما هطلا، فلم يمض إلّا بعض الوقت حتى ظهرت غمامة من جانب الأفق وغطّت سماء مكّة كلّها وهطل مطر غزير كادت معه مكّة أن تغرق.

يقول الشهرستاني: هذه الواقعة، التي تدل على علم أبي طالب بنبوة ابن أخيه ورسالته منذ طفولته تؤكّد إيمانه به، وهذه أبيات أنشدها أبو طالب بعد ذلك بتلك المناسبة:

         وأبيضُ يستسقى الغمامُ بوجههِ          ثمال اليتامى عصمةٌ للأراملِ‏

         يلوذ به الهلّاك من آل هاشـــــــــــــــم     فهم عنده في نعمةٍ وفواضــــــــل‏

         وميزان عدل لا يخيس شعــــيرة               ووزان صدق وزنه غيــــر عائل‏[1]

*** *** *** *** **

الغدير

لما رجع رسول الله ’ من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات ثم قال: كأني قد دعيت فأجبت, إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله و عترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض, ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ثم أخذ بيد علي× فقال من كنت وليه فهذا وليّه اللهم والي من والاه و عادى من عاداه.

وأخرج الطبراني في الكبير والرافعي في مسنده بالإسناد إلى ابن عباس قال: قال رسول الله’: من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوالي علياً من بعدي، وليوال وليه وليقتد بأهل بيتي من بعدي, فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ورزقوا فهمني وعلمي, فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي, القاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي.

و أخرج ابن حجر في صواعقه أن النبي’ قال: التزموا مودتنا أهل البيت, فإنه من لقي الله وهو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا, والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد إلا بمعرفة حقنا.[2]

*** *** *** *** ***

من طرائف بدر

بعد أن أخزى الله المشركين وعلى رأسهم أبو سفيان في معركة بدر وقد نصر الله تعالى نبيه, منع أبوسفيان أهل مكة من بكاء قتلاهم أو رثائهم وخطبهم فقال: (أما أنتم إذا نحتم عليهم وبكيتموهم أذهب ذلك غيظكم فأقعدكم عن عداوة محمد و أصحابه…).

ومن الطريف أن الأسود بن المطلب أصيب له ثلاثة من ولده في بدر, وكان يحب أن يبكيهم ولكن توقف عن ذلك خوفاً من أبى سفيان, فبينما هو كذلك إذ سمع امرأة تجهش بالبكاء فأراد أن يستجلي الأمر ليبكي هو على قتلاه؛ فأرسل غلامه وقال له: اذهب فاستفسر هل بكت قريش على قتلاها لعلّي أبكي فإن جوفي قد احترق, فذهب الغلام فعلم أن الباكية امرأة ضلّ بعيرها فهز الأسود رأسه وقال:

أتبكي أن يضلّ لها بعير                  و يمنعها من النوم السهود

ولا تبكي على بدر ولكن                 على بدر تصاغرت الخـــــــدود

  تقوى الكناني _ العراق

[1] . انظر: كتاب الملل والنحل, الشهرستاني, ج 2, ص240.

  1. كتاب لكل مقام مقال, عبد الخالق الصائغ, ص:114.

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …