الرئيسية / الرئيسية / الصحوة الإسلامية و إرهاصات الظهور
10685382_10203175151996211_968855483561942909_n

الصحوة الإسلامية و إرهاصات الظهور

كلمة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ غريب رضا

 بسم الله الرحمن الرحيم

{ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِم } الرعد : 11

   الآية تدلّ بفهومها على قاعدة كونية و سنة من سنن الله عز وجل في كل الأعصار والأمصار .

فالله سبحانه نسب التغيير و التحوّل لنفسه في الآية المباركة, إلا أن هذا التغيير في المجتمعات مشروط بحركة المجتمع , و إنه لمن السذاجة أن نرجو من الله التغيير قبل أن يقوم المجتمع بواجبه .

   إنّ الشعوب تستطيع أن تغيّر , وهذا ما نراه اليوم منها , حيث تقف أمام الأسلحة النارية بصدور عارية , وقلوب مليئة بالإيمان , ولعلنا نندهش من هذه الظاهرة كيف أن الشعوب التي كانت صامتة طوال هذه الفترة , أتت فجأة الى الساحة وبكل حرارة و قوة و إيمان , وهذا ما أكّده الأمام الخامنئي , بأنّ هذه الثورات نتيجة لتراكم تاريخي , تراكم ظلم و جور و خذلان .

ففي الحقيقة , إن نهضة الشعوب حربٌ بين إرادتين , إرادة الشعب وإرادة إعداءه , وفي هذه الحرب الضروس كل جانب كان أكثر تحملاً للصعاب كان منتصراً بحول الله , لأنّ هذه الثورات كالسيل المتدفّق إن منعها مانع بالقهر والإكراه انفجرت بشكل أقوى .

   وقد أكّد الإمام الخامنئي على إسلامية هذه الثورات , لأنها :

   أولاً : حركة شعبية حقيقية , بخلاف الثورات المخملية والملونة التي نراها في دول أخرى , حيث الأحزاب و التجمعات السياسية , وخلق الشبكات الاجتماعية عبر الإنترنت و الفيس بوك و ما شابه ؛ في حين أن الثورات العربية اليوم تنبع من شباب الشعب وأناسه , وهذا يدل على أن الشعوب لا تريد غير دينها وقيمها , و هذا ما رأيناه في أهل تونس بعد انتصارهم و دحر طاغوتهم , حيث سجدوا شكراً لله , وأقاموا صلا ة الجماعة في الساحات بعد أن كانوا لا يدخلون المساجد إلا ببطاقة ألكترونية و بعد أخذ جميع الخصوصيات الفردية منهم .

   ثلاثين عاماً لم يسمع صوت الأذان في الإذاعة والتلفاز , و الحجاب محظور في الدوائر والجامعات , وغير ذلك من الشعائر الإسلامية التي لا يمكن للفرد المسلم أن يؤدّيها فضلاً عن أن يدخل الساحة السياسية برؤية إسلامية .

وثانياً : مقابلتها ومواجهتها للاستكبار العالمي المتمثّل بأمريكا و إسرائيل في المنطقة , وقد صرّح الإمام الخامنئي بذلك حيث قال : لقد استيقظت الشعوب اليوم ببركة الإسلام , و الدليل الأول لأسلامية هذه الصحوة هو انزجارها من تواجد المستكبرين في هذه المنطقة .

   إنّ الشرق الأوسط الذي كان يهدف العدو لتنفيذه , هو عبارة عن تقسيم المنطقة على أساس طائفي , على أساس مذهبيّ وقوميّ ؛ لكن الله تبارك وتعالى أحبط سياستهم هذه , فبعد هذه الانتصارات المتتالية وبعد هذه المفاجآت نرى أن الشعوب هي التي رسمت خارطة الشرق الأوسط الجديد , وأسقطت أكبر قلعة صهيونية – أمريكية ألا وهي مصر الإسلام , وهذا طبعاً بهداية الله سبحانه ؛ فنحن نشعر بأنّ يد الامام الحجة (عج) وراء هذه التحولات و التغييرات , وإنّه لمن الظلم أن نحذف حضوره في دائرة هذه الصحوة الإسلامية .

لكن لا بد للإلتفات الى نقطة مهمة , وهي كيفية التعامل مع القضية المهدوية , حيث أصبح البعض يتعامل معها بإسلوب الإخباريين , حيث يبحث بين الروايات ليجد مصاديق لها في هذه الأحداث , وكأنه ينتظر الإمام المهدي (عج) بين سطور الروايات ليطبقها على أرض الواقع .

إن حركة الإمام المهدي (عج) حركة إنسانية , حركة عبّر عنها الشهيد المطهري بأنها الحلقة الأخيرة للحركات الثورية البشرية ؛ وكأنه (عج) على قمة جبلٍ مرتفع يأخذ بأيدي المتسلقين ليوصلهم إلى الهدف . إذن علينا أن نتحرّك نحو القمة , علينا أن نعرف كيف نتعامل مع هذه الثورات , وكيف نتواصل مع هذه الشعوب , علينا أن نعطيهم تجاربنا الثورية كما كان ثوار إيران قبل انتصار الثورة , يرغبون ويتلهفون لأخذ التجارب الثورية من الجزائر وفلسطين وغيرها .

يجب أن نستغلّ الفرصة في هذا المنعطف التاريخي , فنستفيد من وسائل الارتباط الحديثة و نبيّن للعالم أجمع مدرسة أهل البيت (ع) , نبيّن التشيع الثوري و أسلوبه ؛ إنهم لطالما كانوا يسموننا بالرافضة , في حين لو أمعنا في هذا المفهموم نجد أن رفض الشيعة , رفضاً سياسياً للطواغيت والجبابرة , و هذا ما وصل إليه العالم العربي اليوم .

   يجب أن نبيّن نهج الإمام الخميني (ره) سياسياً و اجتماعياً , ذلك القائد الذي طالما كان يردّد الآية المباركة : { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنىَ‏ وَ فُرَادَى‏ } سبأ : 46 وكانت حياته تجسيداً حقيقياً لهذه الآية العظيمة .

   يجب أن نبيّن نظام ولاية الفقية للناس , ليعلموا أن للإسلام تراثاً غنياً لو استفادوا منه لوصلوا إلى الهدف أسرع , و لعمّ الأمن والسلام والعدالة في العالم أجمع , و هذا ما قاله أهل البيت (ع) : < فأن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا > ميزان الحكمة , ص 2074 .

فنظام ولاية الفقيه هو تراث أهل البيت (ع) , لكن الإمام الخميني (ره) سار في هذا النهج و استلهم من دروس الثورة الحسينية , فلا شك بأن منهجه ورؤاه مؤثرة بين الشعوب والحركات الثورية الحالية .

 تلخیص: زهراء السالم – عراق

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *