الرئيسية / الرئيسية / كلمة الحاجة عفاف الحكيم في معهد الشهيدة “أم ياسر”
عفاف

كلمة الحاجة عفاف الحكيم في معهد الشهيدة “أم ياسر”

إليك يا معهد العلم والتعلّم، إليك يا معهد الفداء و التضحيات، إليك يا معهدي الكريم .. يا معهد الشهيدة “أم ياسر”.. ألف تحية و تمنيات بالتوفيق والتقدم..

لقد زادك الله شرفاً.. لأنك حملت إسم الشهيدة “أم ياسر”، شهيدة جنوب لبنان الحبيب…

و زادك الله شرفاً لأنك في كنف و رعاية المجاهدة الفاضلة مديرة هذا المعهد، الحاجة أم محمد البرجي، يدعمها و يساندها المركز المشرف على عوائل الطلاب في جامعة المصطفى – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – .

و زادك الله شرفاً آخر حين تشرّفت في أسبوع الوحدة الإسلامية بشرف زيارة الحاجة “عفاف الحكيم” إليك أيها المعهد المتواضع..

نعم أخواتي .. زارت الحاجة “عفاف الحكيم” مسؤولة الهيئات النسائية في حزب الله ، قادمة من جنوب لبنان للمشاركة في أسبوع الوحدة الإسلامية، وقد التقت مع طالبات المعهد الذي يضم بلدان متعددة مثل: الحجاز، البحرين، العراق، لبنان، سوريا، المغرب، الجزائر، وألقت كلمةً قيمة في ذلك الجمع، ثم أقامت مديرة المعهد دعوة للغداء على شرف وجود الحاجة عفاف و أختها الكريمة وذلك أيضاً بحضور الأخت الفاضلة الحاجة أم مهتدي الكوراني وكلٍ من الأخوات أعضاء الإدارة، المعلمات و بعض الأخوات الأخريات. وفيما يلي بيان كامل للكلمة التي ألقتها الحاجة في المعهد.. مع ملاحظة أنني قد قمت بتقديم و تأخير و ترتيب لمضامين كلمة الحاجة، مع مراعاة الأمانة العلمية:

بسم الله الرحمن الرحيم

أبارك للأخوات الكريمات، مولد الرسول الأكرم – صلى الله عليه وعلى آله – ، هذه الذكرى العطرة التي نحييها كل عام، ونحتفل بمولد حضارة نشرت المبادئ المحمدية الأصيلة، لقد خاطب القرآن الكريم النبي الأكرم – صلى الله عليه وعلى آله – : “وما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين”، وقال أيضاً الإمام زين العابدين – عليه السلام – : “اللهم صل على محمد و آل محمد، إمام الرحمة و مفتاح الخير”. كما أبارك للأخوات هذا المعهد المبارك الذي تنهل منه الطالبات العلوم الثقافية المختلفة وغيرها، كدورات الخطابة الحسينية، وكم هو أمر جميل أن يحمل هذا المعهد اسم الشهيدة أم ياسر، كما حملت المدرسة المباركة التي زرتها بالأمس إسم “الشهيدة بنت الهدى” وأبارك للأخوات هذا الوجود المبارك في مدينة قم المقدسة، وإنها واقعاً فرصة إلهية وعليكن اغتنام هذه الفرصة وطلب علوم أهل البيت – عليهم السلام -، ولابد أن يكون وجودكن في مدينة قم مطابقاً للرواية “من تساوى يوماه فهو مغبون” فالمتواجد في قم المقدسة، عليه أن يطلب العلم و يزداد فكره علماً و دراية و حكمة، يوماً بعد يوم.

إنني و باعتبار وجودي بين أخوات من جاليات متعددة، سأتحدث عن بعض الأمور التي ترتبط بالمرأة، وهذا سيكون عبر أمور:

أولاً: إن المنطقة الإسلامية تمر بتحديات كثيرة، لها أشكال مختلفة وأهم المواجهات، تسييس سبل العلم وخاصة على مستوى المرأة، المرأة التي جعل الله لها نصيباً من جانب الرسالة التي جاء بها النبي – صلى الله عليه وآله – . إن المرأة لها دور خاص وهو تربية الأجيال الصاعدة كما لها دور عاطفي في مواجهة التحديات الغربية.. و كلما كانت المرأة على درجة من العلم (الناحية النظرية) فهي قادرة بشكل أفضل على القيام بدورها و أداء ماعليها (الناحية العملية) فتجتمع فيها الثقافة من جانب و التطبيق من جانب آخر. وكم من النماذج التي تبين مدى تأثير و دور التربية و دور الأم الواعية، يقول أحد الأطباء في الجامعة الأمريكية في بيروت: أدخلوا علينا شاباً قد أصيب بحادث وقد وجدت رسوماً متنوعة على يديه و صدره، ووضع قرطاً في أذنيه، وكان منظره غريب !! فسألت عن اسمه، قال من أحضره: لا علم لنا باسمه، ولكننا ندعوه بـ “مايك” وحتى جاء أهل ذلك الشاب فإذا هو من جنوب لبنان! ومن عائلة معروفة! وكان اسمه الحقيقي “محمد” و حرّف إلى “مايك” وهنا نقول: أين دور الأهل ؟ أين دور الأسرة؟

ثانياً: إن المرأة في لبنان قد برزت في الميدان الإسلامي بالقيام بأعمال متعددة وعلى مستويات متعددة، فمنذ أيام التحرير سنة 2000م ظهر للمرأة الدور الفاعل وكانت بحاجة إلى مؤسسات ثقافية ترعاها و إلى حوزات دينية، فقام حزب الله و أكمل هذه الجوانب، فأسس حوزات في الجنوب و بعلبك، و بيروت بالإضافة إلى المعاهد المتنوعة في مناطق متعددة و ذلك لتتم الحجة على كل امرأة لتكون حاملة لمسؤوليتها و واعية بها، و علينا ان نشعر بالأسف على كل خمس دقائق تمر في حياتنا من دون أن نستفيد منها و نستثمرها..

ثالثاً: إننا و من باب الاقتداء بآل البيت – عليهم السلام – علينا أن نطلب العلم، فقد ركزوا – عليهم السلام – على طلب العلم الذي هو فريضة ، وقد اهتم القرآن بالعلم و المتعلمين، قال تعالى: “يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتو العلم درجات”، “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”..

دخل الإمام علي – عليه السلام – يوماً على شخص خائف، فقال له الإمام: مما تخاف؟ قال الرجل: إن نفسي تحدثني أنني مودّع الدنيا بعد ساعة، فقال الإمام: كلنا سنموت ولماذا الخوف؟ فقال الرجل: أخبرني يا مولاي كيف أقضي هذه الساعة؟ فأجابه الإمام: اطلب العلم.

ولم يقل له :صلّ ، إقرأ القرآن .. إن وصية الإمام هذه فيها رسالة للأمة جمعاء على ضرورة طلب العلم.

لقد وصلت الإحصائيات في عدد المتعلمين (الذين يقرؤون) في البلدان العربية 3% فقط، مع العلم أن عدد المسلمين يصل إلى مليار وأربعمائة مليون إنسان!! بينما لو نظرنا إلى بعض الدول الغربية كـ “فرنسا” مثلاً نجد أن الشخص الراكب في السيارة، في المترو، يحمل كتاباً بيده ويقرأ، ويستفيد من وقته، وهذا ما رأيته بنفسي، وقلت: أين نحن وأين العلم!!

إن العلم كان له دور في انتشار الإسلام و التشيّع بشكل خاص حتى أن خمسين شاباً فرنسياً دخلوا في مذهب أهل البيت وقدموا إلى لبنان ثم توجهوا إلى العراق لزيارة ضريح الإمام علي –عليه السلام – .

رابعاً: المرأة في لبنان كان لها دور في الانتصارات الإلهية التي حققها حزب الله في لبنان، هذا الانتصار لم يأتنا مجاناً من عند الله، بل كان قائماً على أساس التضحيات والعطاء ، قد يقال: لماذا لا تتدرب المرأة في حزب الله على حمل السلاح؟ والجواب: إن المرأة استطاعت أن تؤدي دورها، و تكاليفها الملقاة عليها ومن عرف دور المرأة عرف دورها في حزب الله، فليس المهم حمل السلاح، بل المهم أداء التكليف، إن أمثال تلك المرأة التي كانت تقوم كل يوم بجمع الأطفال بينما كان الصحفيون يسعون وراء إمرأة أو طفل، ليتكلم بكلام ضد حزب الله، فكانت هذه المرأة تجمع الأولاد و تحذرهم من الصحفيين خوفاً من أن يؤخذ طفل منهم ليعبّر بكلام لا يرضينا، إن بيوتنا مشتعلة بالدعاء، مشتعلة بدعاء الجوشن الصغير و بدعاء التوسل، وهذا جانب مهم من جوانب المرأة المجاهدة..

حرب عالمية إعلامية تصب على لبنان من أمريكا و بريطانيا و فرنسا، على لبنان الذي لو بحثنا عنه على الكرة الأرضية لاستغرق منا وقتاً لكي نجده، من شدة صغر مساحته وليس كل لبنان مقاومة، بل إن لبنان الصغير فيه بقعة صغيرة تسمى المقاومة، التي استطاعت أن تهزم هذه القوى الكبرى، وأعطت الإشعاع الحضاري لكل المنطقة..

أضافت الحاجة قائلة: إنني و بعد حرب تموز دعيت إلى مؤتمر نسائي في ماليزيا وقد تحدثت عن لبنان فقام الحاضرون بالتكبير والتهليل الممزوج بالدموع طوال مدة حديثي، ولما نزلت عن المنبر قامت نساء من الباكستان و كشمير و أندونيسيا و تايلند و غيرهن وقلن لقد كنا معكم في لبنان كل يوم مدة 24 ساعة، لم نفارقكم.. ما فعلتموه كان شيئاً لا يصدق!

نعم وذلك لأن “كونداليزا رايس” كانت قد شربت في لبنان مع عملاء أمريكا نخب القضاء على حزب الله وتدمير الجنوب وحمل الناس على البواخر ليفرغ الجنوب من المقاومين.

إنني لم أكن أزر مكاناً إلّا وكان الناس يحمّلوني السلام لسيد المقاومة ولشباب المقاومة حتى في إحدى المطاعم في ماليزيا جاءني الطباخ في ذلك المطعم ليسلّم علي و يحملني السلام لسيد المقاومة..

لقد دعيت إلى مؤتمر في أندونيسيا –أكبر دولة مسلمة في العالم- فيه رئيس مجلس الشورى (هدايت نور واحد) وكان يتكلم العربية، فالتفتُّ إليه وقلت له: هل عندك علم بالمقاومة الإسلامية، قال: لا يوجد أحد لا يعرفكم، أنتم تجددون الحضارة الإسلامية التي أسسها رسول الله – صلى الله عليه وآله – ، لايمكن لصاحب عقل وفطرة سليمة إلّا وينطق بالحق، ثم علا صوت مكبرات الصوت قائلاً: الآن الكلمة للبنان، قمت واعتليت المنصة وبقيت عشر دقائق لم أتمكن من الكلام من شدة التصفيق .. وهذا فيه رسالة للمقاومة..

إن هذا الصدى لانتصارات المقاومة لم يحصل من دون تضحيات بل كان بفضل التضحيات وصبر ودعاء الأمهات..

و أختم حديثي برؤية في المنام رأتها الشهيدة أم ياسر قبل شهادتها بثلاثة أيام حيث رأت أن أحد الأعداء قد قطع عقداً كان في رقبتها!! ولعله كان هذا عقد الأسرة الذي قطع بنيل هذه العائلة وسام الشهادة. أدعو الله لهم ولجميع الشهداء أن يسكنهم الله تعالى فسيح جنانه..

 

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        بقلم عبير شرارة ـ لبنان

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *