الرئيسية / الرئيسية / أسرة / إدارة الوقت
وقت

إدارة الوقت

تنبع أهمية الوقت من أهمية العمر، وعمر كل إنسان محدود و معدود كوقته، و المحدود ينتهي شاء الإنسان أم أبى، قال تعالى: “فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون”[1]. و من الواضح أن فلاح الإنسان بأعماله الصالحة، و طلاحه بتركها سواء إجتهد الإنسان و عمل صالحاً و أدرك قيمة وقته أم لم يدرك، فإن عمره و وقته زائل لا محالة.

و لهذا جاء القرآن الكريم ليحذر و ينذر: “و أنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر…”[2]. و ورد التحضيض و التحفيز عن أهل البيت – عليهم السلام – كما ورد عن أمير المؤمنين – عليه السلام – : “إغتنموا آجالكم بأحسن أعمالكم”[3].

فإغتنام الآجال القصيرة و حسن الإستفادة من الوقت هي التي تحدد التمايز الكبير بين الصالحين و الطالحين. و عنه – عليه السلام – : “إن أوقاتك أجزاء عمرك فلا تنفد لك وقتاً إلا فيما ينجيك”[4].

إن كل شيء قابل للتعويض إلّا الوقت، فاللحظة التي تنتهي و تفوت لاتعوض بأي شيء مهما كانت قيمته، و من المؤسف جداً أن نعيش في هذا العصر وهو عصر التكنولوجيا والتقنيات الحديثة من الأطباق اللاقطة و أجهزة الحاسوب و الجوال و … والتي يمكن من خلالها الإستفادة القصوى من الوقت والإستغناء عن قطع المسافات و تحمّل مشاق السعي للحصول على الخبر والمعلومة، لكن في نفس الوقت نجد أن الإستفادة المعكوسة في هذه التقنيات حيث نلاحظ أكثر إستخدامها في المجالات السلبية بدلاً عن الإيجابية.

يراد من إدارة الوقت، الطرق والوسائل التي تعين المرء على الإستفادة القصوى من وقته في تحقيق أهدافه و خلق التوازن في حياته مابين الواجبات والرغبات والأهداف. وفي الواقع أن الوقت من الأمور التي لا يمكن إدخارها و جمعها، ولا الإضافة عليه، فالعمل الوحيد الذي بإستطاعتنا فعله تجاهه – الوقت – هو تنظيمه بشكل يمكن الإستفادة منه بأحسن وجه، ففي الحقيقة إن الوقت لا يمكن توقيته و إدارته و التحكم به، و إن كنّا نطلق هذه العبارات بإستمرار مثل “إدارة الوقت” أو “تنظيم الوقت” لكن الذي ينظّم و يرتب و يدار هو نفس الإنسان و ذاته، وكذا محيطه الذي يسكن فيه، فإدارة الوقت والزمان هي في الواقع إدارة الفرد لنفسه. وبما أن الإسلام يحرص على صياغة الشخصية المسلمة وفقاً لمعطيات الكتاب و السنة، بأن تكون شخصية متزنة متكاملة معطائة، جعل مواقيت العبادات من صلاة و صيام و خمس وغيرها، تعمل على تنظيم الشخصية الإسلامية بجعلها شخصية هادفة “الحج أشهر معلومات”[5]، “أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل”[6]

خطوات تنظيم الوقت

عزيزتي المؤمنة هذه خطوات عامة يمكنكِ الإستفادة منها في كل المجالات لتنظيم وقتكِ الثمين:

  • فكري في أهدافكِ و انظري إلى أدوارك وحددي الأهداف لكل دور فقد تكونين أماً أو طالبة أو مديرة أو … فكل دور بحاجة إلى أعمال تجاهه، فالأسرة مثلاً بحاجة إلى رعاية و حنان و متابعة، وهكذا الباقي كلٌ بحسبه.
  • إعملي جدولاً أسبوعياً وضعي فيه الأهداف الأولية كأهداف تطوير النفس ثم الأهداف الثانوية.
  • إلتزمي بما وضعتِ من أهداف في أسبوعكِ ثم قيّمي نفسكِ و أنظري إلى جوانب التقصير كي تتداركيها.

 أمور تساعدكِ على تنظيم وقتكِ

  • لا تؤجلي عمل اليوم إلى الغد فعن أمير المؤمنين – عليه السلام – : “من أخّر الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها”[7].
  • إستعملي المنبه للتنبيه على بعض الأوقات و الأعمال، و كوني جادة و ملتزمة بمخططاتك..

الإمام الخميني – رحمه الله – كان من ضمن برنامجه اليومي المشي لمدة نصف ساعة، فعندما كان في النجف الأشرف كان منزله الذي يسكن فيه صغيراً مساحته 44 متراً، فكان مضطراً للمشي في سطح المنزل يومياً نصف ساعة، كذلك عندما كان في السجن لم يترك المشي وهو في زنزانتهه الضيقة والتي لا تتجاوز مساحتها المتران، ذهاباً و إياباً هكذا كان يحترم مخططاته.

النوم المبكر و الإستيقاظ المبكر يساعدك كثيراً على إنجاز الأعمال بشكل أدق لأنك قد حصلت على كفايتك من النوم و أستفدت أيضاً من نسيم الصباح مايجعلك أكثر دقة و إبداعاً في العمل، ولا تنسي أن إدارة الوقت لا يعني أداء الأعمال بشكل أكثر سرعة، بقدر ما يعني أداء الأعمال الصحيحة التي تخدم الأهداف و بشكل فعّال.

الإستفادة قدر الإمكان من وقت الفراغ، عزيزتي قد إنزاحت عنّا الكثير من المتاعب التي كان يعاني منها آبائنا و أمهاتنا قديماً وذلك بسبب التطور الذي لحق بكل جوانب الحياة مما أتاح لنا الحصول على أوقات كبيرة من الفراغ بيد أننا نتفنن في إضاعتها والتفريط فيها ، غير عابئين بأننا نقتل أنفسنا لأن الوقت هو الحياة، فقد تلجأ بعضنا إلى الذهاب إلى الأسواق أو إلى الزيارات التي تستغرق وقتاً طويلاً أو إلى المكالمات التلفونية الطويلة التي لا طائل من ورائها، غافلة عن أن هذا الوقت سينتهي بحساب .. فكل إنسان محاسب على وقته وأعماله، فعن الرسول – صلوات الله عليه – : “لا يزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن جسده فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله مما إكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت”[8] .

وسام الحیدری- العراق

[1] الأعراف آية 24

[2] مريم آية 39

[3] غرر الحكم

[4] غرر الحكم

[5] البقرة آية 127

[6] الإسراء 78

[7] غرر الحكم

[8] بحار الأنوار

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *