الرئيسية / الرئيسية / تاريخ ظهور المباحث الكلامية عند الشيعة الإمامية
العلم

تاريخ ظهور المباحث الكلامية عند الشيعة الإمامية

إن لعلم الكلام الشيعي تاريخ عريق يعود إلى الأيام الأولى لظهور الإسلام, وهذا ما يجعله من أقدم المدارس الكلامية في الإسلام. ولكن كيف يمكننا أن نثبت هذا الإدعاء؟

يعتقد بعض من متكلمي الإمامية كالسيد المرتضى (علم الهدى) والمرحوم ابن هيثم البحراني وغيرهم من الأعلام, بأن خطب أمير المؤمنين (ع) تشتمل على أصول اعتقادية؛ وعليه فالإمام علي (ع) هو الأصل والجذر الأول في علم الكلام الشيعي.

يقول السيد المرتض(ره): >اعلم أن أصول التوحيد والعدل مأخوذة من كلام أمير المؤمنين (ع) وخطبه وأنها تتضمن ما لا يزيد عليه ولا غاية وراءه ومن تأمل المأثور في ذلك من كلامه علم أن جميع ما أسهب المتكلمون من بعد في تصنيفه وجمعه إنما هو تفصيل لتلك الجمل وشرح لتلك الأصول<[1]

وما يؤيد هذه النظرية هو أن أول فرقة كلامية ظهرت في الإسلام هي فرقة الخوارج التي وُجدت في السنة 36 هـ أو 37هـ في حرب صفين والتي كانت في بادئ الأمر ذات ماهية سياسية, ثن اتخذت صبغة كلامية بعد مضي فترة من الزمن. وظهرت من بعدها المرجئة والقدرية ثم المعتزلة التي تعتبر جميعا من الفرق الكلامية في القرن الأول الهجري أو في النصف الأول من القرن الثاني.

كما أننا لو أمعنّا النظر في كلام بعض الروايات الصادرة من الأمير (ع) وكذا في خطبه وحكمه في نهج البلاغة, لأدركنا أن الإمام علي(ع) كان أول من اجاب المسائل والشبهات الاعتقادية والكلامية في ذلك العصر؛ مما جعل العلامة الحلي يقول: > وأما علم الكلام فهو (علي ع) أصله, ومن خطبه استفاد الناس, وكل الناس تلاميذه<[2] .

وقد روي أن الإمام علي(ع) قد سمع يوما أن جماعة من المسلمين يتجادلون حول العدل الإلهي فذهب(ع) إلى المسجد وألقى خطبته هناك التي تحدث فيها عن الغرض من الخلقة وتكليف العباد, الوعد والوعيد, اللذائذ والآلام الدنيوية وغير ذلك من الأمور.

بالإضافة إلى ذلك , يمكن القول بأن المناظرات الكلامية من قبل الشيعة قد بدأت بعد وفاة رسول الله (ص) بواسطة أصحاب أمير المؤمنين(ع) أمثال سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر و… الذين خاضوا المعركة الفكرية آنذاك لأجل الدفاع عن إمامة أمير المؤمنين (ع) التي تعتبر من المسائل المتصدرة في علم الكلام.

وعلى هذا الأخير يمكن القول بأن السنة العاشرة للهجرة يعني السنة التي توفي فيها الرسول الأكرم(ص), هي السنة التي تأسس فيها الكلام الشيعي .

يقول العلامة الطباطبائي (ره):> وكان للشيعة قدم في التكلم, كان أول طلوعهم بالتكلم بعد رحلة النبي (ص) وكان جلّهم من الصحابة كسلمان الفارسي وأبي ذر والمقداد وعمار وعمرو ابن أبي الحمق وغيرهم ومن التابعين كرشيد وكميل وميثم وسائر العلويين, أبادتهم أيدي الأمويين , ثم تأصلوا وقوى أمرهم ثانية في زمن الإمامين الباقر والصادق (ع) وأخذوا بالبحث وتأليف الكتب والرسائل<[3]

ولذا لابد لنا من القول بأن الشيعة الإمامية بالإضافة إلى تقدمها في بيان المباحث الكلامية, كانت المتصدّرة في تأليف الكتب والرسائل الكلامية؛ فرسالة الإمام الحسن المجتبى (ع) حول مسألة القدر, وكذا الكتب والرسائل التي دوّنها المتكلمون الإمامية, تعتبر من أقدم التأليفات في التراث الإسلامي والكلام الشيعي بالذات.

زهراء حسن السالم – العراق

[1] .الأمالي , ج1,ص 103.

[2] . منهاج الكرامة, العلامة الحلي , ص 162.

[3] . تفسير الميزان, الطباطبائي, ج5, ص284.

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *