الرئيسية / الرئيسية / منوعات / حوارٌ في يومٍ مشرق
شروق

حوارٌ في يومٍ مشرق

كانت إلهام تنظر بلهفة و شوق شديدين مجيء صديقتها زيتون من بلد الإسلام و الإيمان إيران حيث وفقها الله تعالى لزيارة الإمام الرضا – عليه السلام – و السياحة في هذا البلد و التعرف على شعبه و ثورته وقائده العظيم و أفكاره وآراءه…

و أخيراً وبعد إنقضاء العطلة الصيفية عادت الصديقة العزيزة إلى وطنها سالمة غانمة تحمل معها روح الإيمان و رياحينه لتطفئ بها قلب صديقتها الملتهب.. فدار بينهما هذا الحوار:

إلهام: الحمد لله على سلامتك يا صديقتي العزيزة وتقبل الله زيارتك.

زيتون: أشكرك وتقبل الله أعمالك.

إلهام: كيف حالك وكيف كان سفرك؟؟

زيتون: بخير والحمد لله، كان سفراً رائعاً و ممتعاً جداً لا ينقصه سوى فراقكِ و أتمنى أن لا يكون آخر سفر..

إلهام: شكراً يا عزيزتي ولكن بالله عليكِ يا حبيبتي تكلمي قليلاً عن الإمام الخميني (قدس سره) و أفكاره، فأنت تعلمين جيداً كم أنا متعطشة للسماع عنه.

زيتون: أجل بكل سرور، سوف أحدثكِ بكل ما سمعته و قرأته و رأيته بعيني هناك.

إلهام: أتمنى أن تتحدثي عن آرائه حول المرأة لا سيما ونحن نساء وكل مافي المرأة يهمنا بالذات خصوصاً ونحن نعيش في هذا الزمان الذي تغرّبت فيه المرأة المسلمة و خرجت عن أصالتها وعن هويتها الإسلامية و أصبحت دمية بيد الغرب لا تحمل من الإسلام سوى قشوره.

زيتون: أحسنتِ يا عزيزتي، أشرتِ إلى نقطة مهمة جداً كنت أودّ التحدث عنها منذ البدء ألا وهي مسألة المرأة المسلمة في هذا العصر وبث السموم و الأفكار الاستعمارية وجعل المرأة ألعوبة بيد الجهلاء والطامعين الذين حاولوا جرّ المرأة إلى مستنقع الرذيلة وصرفها عن رسالتها وقدسيتها و شخصيتها وكيانها كإنسان أولاً ثم كإمرأة، ولكن يا أختي العزيزة وبحمد الله تعالى ظهر هذا الرجل الإلهي الرباني و أنقذ الإسلام من الجهالة وحيرة الظلالة، وأعاد للدين عزته و هيبته وللمرأة مكانتها ومقامها حيث قام بتحديد يوم خاص للمرأة وهو يوم ولادة فاطمة الزهراء – عليها السلام – ليضع أمام النساء الأسوة و النموذج المثالي الصحيح في الحياة ولم يدفع الإمام شيئاً إلى هذه المبادرة سوى رؤيته الإسلامية كما كان يؤكد قبل انتصار الثورة وبعدها على أهمية دور المرأة فمن ضمن كلماته التي أطلقها قبل انتصار الثورة، على سبيل المثال:

“المرأة مربية المجتمع”، “لا نتمكن من تحقيق الانتصار دون العنصر النسوي” و “من حجور النساء يخلق الرجال إلى ذرى المجد”..

إلهام: ماهذه الكلمات الجذابة !!

زيتون: نعم، و اسمعي ماذا يقول في بعض خطاباته: “إن من أعمال الخيانة الكبيرة التي نزلت بشعبنا استلابهم قوانا الإنسانية، جرّوا نساءنا إلى الرذيلة واتخذوهن ملهاة ودمى … إنهم أرادوا للمرأة أن تكون متاعاً تتداوله الأيدي، فكما يحق للرجل أن يبدي رأيه في جميع المجالات، للمرأة هذا الحق أيضاً وكما يجب على الرجل تجنّب الفساد، يجب على المرأة أن تتجنب الفساد كذلك..

وللنساء منزلة كريمة وللمرأة حرية الرأي… على النساء أن لا يحسبن شخصية المرأة مرتهنة بخروجها متبرجة، حاسرة ، عارية إذ إنّ مثل هذه المرأة دمية لا مرأة وعلى المرأة أن تكون مقدامة وتتدخل في مقدرات البلاد الأساسية، المرأة صانعة الإنسان وهي التي تتعهد تربيته”.

إلهام: رائع جداً ماقاله وخصوصاً كلمته الأخيرة “المرأة صانعة الإنسان”، إنه أشاد بمقام المرأة و أعطاها المنزلة اللائقة بها..

زيتون: أجل يا إلهام إنه رجل عالم، فقيه، عرفاني، حاذق، واعي، مجاهد و قائد مقدام جريء و بطل، سياسي، مؤمن، ورع، تقي.. لا تأخذه في الله لومة لائم..

إلهام: إن الغرب يوسوس في أذهان وقلوب ضعيفات الإيمان بشعارات برّاقة زاهية منها (المساواة) و (الحرية) و (استعادة حقوق المرأة) وغيرها من الشعارات التي تمسكن بها – للأسف – قليلات الثقافة الدينية.

زيتون: نعم يا إلهام لكن الإسلام أعطى للمرأة الموقع الذي يتلاءم و طبيعتها و أعطى للرجل الموقع المنسجم مع طبيعته أيضاً فالمساواة بين الرجل والمرأة من ناحية الإنسانية و الحقوق والواجبات إذ قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إنا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم”[1]، وقال أيضاً: “ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا”[2].. و أما التمايز بين الرجل و المرأة فمن الناحية الفيزيولوجية و السيكولوجية حيث الفوارق واضحة بين الذكورة والأنوثة و لا مجال للتماثل بينهما..

يقول الإمام (قدس سره): “كانت النساء قد فقدن شخصيتهن لدى الرجال فأعلى الإسلام شأنهن ورفع مكانتهن، كما ساوى الإسلام بينهن وبين الرجال ثم أن الرعاية التي يوليها الإسلام للنساء تفوق رعايته للرجال فالنساء ينشئن الرجال الشجعان في احضانهن، إن القرآن الكريم صانع الإنسانية والمرأة صانعة الإنسانية أيضاً ومهمّة النساء تربية الإنسان فإذا جرّدت الشعوب من النساء الصانعات للرجال هزمت الشعوب و انهارت”، “إن سعادة وشقاء الأوطان منوطان بوجود النساء”.

إلهام: وكيف رأيت يا زيتون وضع المرأة هناك؟

زيتون: لقد رأيت حضورها الفعّال في كل المجالات.. في صلاة الجمعة وفي المسيرات وفي كل موقف يتطلّب منها الخروج جنباً إلى جنب اخيها الرجل..

وقد لعبت دوراً مهماً في استمرارية الثورة الإسلامية وهي تعيش الصحوة الإسلامية وأيام الحرب وقد سجّلت حضوراً ملحوظاً في السياسة فلها حضور بارز في مجلس الشورى مثلاً باعتبارها ممثلةً للشعب، وفي تنمية الاقتصاد وفي المراكز الثقافية والرياضية دون أن تكون فتنة.

يقول (قدس سره) في هذا الصدد: “إني أجد في قطاع النساء تغييراً مدهشاً يفوق التغيير الذي ظهر لدى الرجال ثم إن ذلك المستوى من الخدمة التي أسدتها المرأة للإسلام في الفترة الراهنة يفوق المستوى الذي قدمه الرجال والكثير من خدمات الرجال مردّها إلى خدمات النساء، ففي الرجال شعور بسببه تتضاعف قدرتهم إلى عشرة أضعاف إذا ما رأوا النساء يخرجن من بيوتهن يبغين أمراً وفي بلادنا خرجت النساء جنباً إلى جنب مع الرجال بل تقدمن عليهم في ترك المنازل وتحمّل الصعوبات و المعاناة ولقد قدّمن الشباب وضحين بالأزواج و الإخوان على طريق الإسلام ودعمن الإسلام فاقتدى بهن الكثير من الرجال وقاموا بما قمن به من أعمال”

إلهام: جزاك الله خيراً يا زيتون و أستميحكِ عذراً على كثرة الأسئلة لقد استفدت كثيراً و أتمنى أن نكون من السائرات العاملات بنهجه و أن نكون أعمق وعياً و أوسع نشاطاً و أصلب عوداً في تأدية مسؤوليتنا الملقاة على عاتقنا ألا وهي التبليغ..

[1] الحجرات آية 13

[2] النساء آية 124

وسام الحيدري _ العراق

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *