الرئيسية / الرئيسية / الصحوةُ الإسلاميةُ والإرهاب.. شقشقةُ تاريخٍ
الصحوة-الإسلامية

الصحوةُ الإسلاميةُ والإرهاب.. شقشقةُ تاريخٍ

عندما تغير اتجاه البشرية من العلمانية إلى التدين ونحو المعنوية وظهرت ما يعرف بالتيارات الأصولية وذلك إثر قيام الدويلة الصهيونية على أسس دينية وعرقية وطائفية تشكّلت النواة الأولى للحركات الدينية السياسة في الاسلام.

ليس بمعنى عدم تشكلها في الإسلام سابقاً, بل عدم انتشارها أو ترسّخها في الأذهان بهذا الشكل الحالي, فمع ظهور دويلة بني صهيون زاد إصرار المسلمين على إعادة مجد الدولة الإسلامية من جديد سيّما وإنها كانت قد تشكّلت قبل ألف وأربعمائة عام على يد رسول الله محمد”ص”, بل إنه”ص” لم يكتف بذلك بل عيّن له خليفةً شرعياً بنصٍ صريح سماوي مقدّس فألبست الدولة الإسلامية والاتجاهات الفكرية السياسية ثوب الدين وتأكدت قدسيتها بشكل واضح وصريح.

هذا كله بالإضافة إلى الاضطهاد والتعسّف الذي لحق بالمسلمين من خلال رميهم فكرة الدولة والسياسة وراء ظهورهم, والتجائهم إلى الأفكار العلمانية المتجرّدة من الدين والتي تفرض فصل الدين عن السياسة.

مع كل هذه الأمور لم يعد أمام المسلمين حجة أو ذريعة يتذرعون بها ليواصلوا مسيرة تقاعسهم وسباتهم الطويل.. إلى جانب السبب الأكثر تأثيراً وهو إعلان الدول العلمانية الغربية التي أسست فكرة فصل الدين عن السياسة والتحرّر من كل القيود, وإقامة دولة محتلة معادية للإسلام على أراضي إسلامية بخلفيات وقيود دينية عرقية طائفية.

لذا تمرّد المجتمع المسلم, فظهرت الحركات الإسلامية السياسية, أو الصحوة الإسلامية على مدى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مع ظهور جمال الدين الأفغاني, وسيد قطب في مصر, ومن بعدها ظهور الثورة الإسلامية في إيران.

لكن الغريب والهجين في الأمر, هو ظهور حركة ممسوخة من بين المسلمين تدّعي السعي لإقامة دولة إسلامية وتنطلق من مبدأ عدم فصل الدين عن السياسة, لكنها عملاً فصلته من خلال عقد اتفاقية مع أمراء دنيويين فتقاسموا بينهم السلطة فكانت الدولة والسياسة للأمراء, بينما الفتاوى ومسائل الطقوس والعبادات للمفتين والشيوخ.

والغريب في هذه الحركة, والتي يطلق عليها الوهابية, هو عدم ثباتها على مبدأ أو أساس معيّن فنراها كل يوم بلباس جديد, وكل يوم في فتوى جديدة, وكل يوم في دين جديد, إذ تخلق المبرّرات والمسوّغات لنفسها لكي تتنصل مما ألزمت نفسها به في كل الصُعد والمجالات إن كانت دينية أو دنيوية..

إلا أن الحركات التي تشكّلت في مصر والخليج تحت مسمّيات مختلفة, منها الإخوان المسلمون ومنها الوهابيون, ومنها القاعدة والنصرة والجيش الحرّ, ومؤخراً الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”,كلها لم تنجح بسبب عدم صفاء فكرها وعدم شفافية مبادئها وبسبب خلوها من المصداقية, فسرعان ما رأيناهم يكفّر بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً..

لم ينجح في خضم هذه الحركات والتداعيات إلا حركة إسلامية سياسية واحدة, ألا وهي الثورة الإسلامية في إيران, والتي لم يبدر منها ما بدر من الآخرين من تذبذب وتشرذم وعدم مصداقية, مما جعلها أكثر الحركات صموداً, وأكثر الأطروحات ثباتاً أمام التحديات.

والغريب أننا نجد تداعي سائر الحركات السياسية الإسلامية الأخرى لمحاربة هذه التجربة الإسلامية الناجحة الوحيدة في الدنيا وعلى مدى التاريخ, وذلك لعدة أسباب, منها:

  • انطلاقة باقي الحركات المقابلة للثورة في إيران من مبادئ وأسس دنيوية.
  • عدم تمسّكهم بالنصوص القرآنية, بل اعتمادهم المطلق على الاجتهادات الشخصية والاستحسانات الذوقية, وتفسيرهم للنصوص المقدسة من قرآنٍ وسنةٍ على حسب أهوائهم ومشتهياتهم ودوافعهم الشخصية ومصالحهم الذاتية.

وبسبب النقطة الماضية, نراهم يسارعون للخضوع إلى الدول العلمانية والخارجة عن الدين, بل التي تعلن محاربتها لكل مظاهر التدين, لذا فإن تخبّطهم وتناقضهم مع شعاراتهم ومبادئ الدين الحنيف بارز للعيان في كل زمان ومكان.

  • انطلاقهم من أسس طائفية وعرقية, ممّا يدعوهم لمواجهة أي حركة إسلامية لا تنتمي لعرقهم أو طائفتهم.

وفي خضم كل ذلك استغلت هذه القوى الكبرى هذا التخبّط, فركبت الموجة واندسّت في آفاق هذه الحركات الإسلامية أو الصحوة الإسلامية كي تشوّه معالم الحاكمية الإسلامية وتجهض التجربة الدينية في إدارة أمور المجتمعات سياسياً ودولياً.

والأغرب والأنكى من ذلك كله, هو قيام القوى العلمانية الملحدة التي طالما عاثت في الأرض فساداً بلبس عباءة الدين ورفع شعار الدولة الإسلامية ووضعها على راياتهم المظلمة. فإذا بنا نرى أن شعارات الإسلام أصبحت أكثر شيء مثير للنفور ونداء الله أكبر إيذان ببدأ الذبح والاغتصاب والتشريد.

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

لكن السؤال الذي يطرح نفسه في الأثناء, ما هو مصير الدولة الإسلامية المهدوية القادمة وكيف سيستقبلها الناس عند ظهورها, سيما وإن كل شعارات الإسلام السياسي أو الدولة الإسلامية قد اُصبغت بلون الدماء وتشوّهت برائحة التخريب والتهجير والدمار..

هذا بالفعل ما نجده في كتب الحديث والروايات التي تتكلّم عن آخر الزمان, وما يصاحب ظهور راية الإمام المهدي”عج” في خوف وتشاؤم من قبل الشرق والغرب.. وهذا بالفعل ما كانت تصبو إليه الدول الغربية والقوى المنحلّة والإلحادية من شرق وغرب, وهذا هو ما سعت إليه على مدى عقود طويلة, بل وقرون..

بقلم نهى القطراني_ العراق

شاهد أيضاً

21445185332_f463abf699

درس من حياة فاطمة”س”

  قد نكون واجهنا صعوبات وخسارات مادية هائلة لإتمام عمل معين, أو حتى في جريان …