الرئيسية / الرئيسية / عقائد / كيف يكون الانتظار صحيحاً وبنّاءً؟
انتظار

كيف يكون الانتظار صحيحاً وبنّاءً؟

  نقرأ في الكتب الروائية عن الانتظار بأنه >أحب الأعمال إلى الله عز وجل< وأنه > أفضل العبادة< فإذا لم يكن وضع يد على يد والتفرج على ما يجري من حولنا , فما هو؟

  1. عامل للحركة:

الانتظار بمعنى الأمل , ولا شك أن للأمل دور كبير في حياة الإنسان . ان انتظار المصلح (وان كان حسّا فطريا عند كل البشر) هو أمل الإنسان الإلهي المتصل بالسماء بصول يوم تحقق الوعد الإلهي , وجوهرة هذا الأمل حسن الظن به تعالى {وَ نُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثينَ} [1] وقال عز من قائل { وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ }[2] وقد أكد المعصومون (ع) على ثقافة الانتظار وحذروا من البأس والقنوط وأكدوا على دور الدعاء في تعجيل الفرج, فعن الامام الصادق(ع) >لما طال على بني اسرائيل العذاب ضجّوا وبكوا الى الله اربعين صباحا , فأوحى الله الى موسى وهارون (ع) ان يخلصهم من فرعون فحط عنهم سبعين ومئة سنة, هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج عنّا فإذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي الى منتهاه < فإذا ابعدت هذه النعمة من ساحة مقاومة الطغاة لم يبق دافع لإدامة الطريق.

وقد عدّ اليأس من رحمة الله من كبائر الذنوب {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ}[3] . فاليأس والقنوط أكبر مسلخ للفضائل يتمكن فيه ابليس من فصل الناس عن ربهم الرحيم. بينما يعد الانتظار البنّاء شمعة الأمل في دهاليز الصعاب , فالانتظار البنّاء على علاقة وثيقة مع التحرك .

  1. طلب الإصلاح ومواجهة الظلم:

الانسان المنتظر للمصلح العالمي يسعى لإصلاح نفسه ومجتمعه فهو يدرك ان حركة الاصلاح لا يمكن ان تتم بين يوم وليلة. فمثلا ان وظيفة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تقع على عاتق الجميع والنتيجة المتوخاة منها هي هو الاصلاح. فعن رسول الله (ص) > لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعوا خياركم ولا يستجاب لهم<.

فمنتظر دولة العدل العالمية لا يمكن ان يقف مكتوف الأيدي أمام الظلم وما الذنوب إلا مصداق لظلم النفس.

  1. الدفاع عن الدين:

   يعد الدفاع عن الدين من أهم الأمور في زمن الانتظار , فبنور الإيمان والتدين يستطيع الناس الى الوصول الى الحياة الإنسانية { يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اسْتَجيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْييكُمْ}[4]

وحيث أن القائم (عج) آخر سفير الهي , فهو محيي المؤمنين ومجدد ما عطّل من أحكام دين الله والتي بتفعيلها تصل البشرية الى الحياة الإنسانية الحقة , فمن القابه (عج) > محيي المؤمنين<.

ولا شك أن البقاء على الطريق المستقيم في فترة الغيبة يحتاج إلى بصيرة ثاقبة لمعرفة شياطين الأنس والجن , وقد تناولت الأحاديث الشريفة هذه المسألة , فعن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال : >قال رسول الله (ص) ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه: اللهم لقّني إخواني, اللهم لقني أخواني. فقال من حوله من أصحابه أما نحن إخوانك يا رسول الله ؟ فقال (ص): لا إنكم أصحابي وإخواني قوم في آخر الزمان , آمنوا ولم يروني , لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آباءهم , من قبل يخرجهم الله من أصلاب آباءهم وأرحام أمهاتهم , لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء , أو كالقابض على جمر الغضا أولئك مصابيح الدجى, ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة< [5]

وعن الإمام السجاد(ع) >…ان أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل أهل كل زمان لإن الله تعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسف أولئك المخلصون حقا وشيعتنا صدقا والدعاة الى دين الله سرا وجهرا<[6]

  1. عامل المقاومة والثبات:

يذكر مركز صهيوني للدراسات ان العقيدة المهدوية المتمثلة بوجود امام حي ناظر وراعٍ للحركة, من اسباب بقاء وحيوية المذهب الشيعي , ويذكر المستشرق جيمز دار وهو يصف حال الشيعة في منطقة معينة يوم الجمعة وهم في حالة استعداد لظهوره (عج) ثم يعقب بالقول > ان قوما بهذه المشاعر الفياضة يمكن قتلهم اما كبح جماجمهم فهو امر مستحيل<

وتاريخ الشيعة الشاهد على وقوف ابناء هذا المذهب امام الحكومات الظالمة والدفاع المستميت عن الاسلام , بل ان مراجع الشيعة أفتوا بوجوب الجهاد في ركاب الدولة العثمانية (السنية) في مقابل الغزو الاوربي .

  1. التحلّي بالعدالة:

ان المنتظر الحقيقي يسعى لأن ينصف الناس من نفسه وان يستتب العدل في كل جوانب حياته{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى} فمنتظر دولة الحق العالمية يمهد لها من خلال تطبيق العدالة كي نكون ملكة تعمل على إيجاد التوازن في كل حالاته وشؤونه فهو يعطي كل ذي حق حقه ويقول ويعمل بالحق ولو على حساب نفسه {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَ لَوْ عَلى‏ أَنْفُسِكُم}[7]‏ .

عن رسول الله (ص) : > من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية<

 

[1] . القصص: 5.

[2] . الأنبياء: 105.

[3] . يوسف: 87.

[4] . الانفال : 2.

[5] . بحار الانوار: ج52, ص123.

[6] . الاحتجاج على اهل اللجاج, ج2 ص318.

[7] . النساء: 135.

إعداد وترجمة: صديقة الموسوي

شاهد أيضاً

Doaa

ما الحكمة من البلاء؟

     البلاء والمصائب وغيرها من الشرور من الأمور التي نواجهها في حياتنا اليومية والتي تسئم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *