الرئيسية / الرئيسية / فقه / أحكام النشوز و الشقاق
خلاف

أحكام النشوز و الشقاق

غالباً ما نسمع في حياتنا عن النشوز من قبل عامة الناس واتصاف المرأة به دون معرفتهم بنشوز الزوج أيضاً .
بل ويعتبرون التخلي وقصور المرأة في كل أمر يجعلها ناشزة ولكن الشريعة الاسلامية كما راعت حقوق الزوج كذلك راعت حقوق الزوجة وأعطت لكل منهما حقاً يختص به وبالتخلف عن اعطاء هذا الخق يصبح كل منهما ناشزاً دون التبعيض .
عرّف النشوز لغة بالارتفاع واصطلاحاً هو خروج أحد الزوجين عن طاعة الله في مراعاة حقوق الآخر وذلك لأنه بمعصيته قد ارتفع وتعالى عما أوجب الله عليه ولذلك خص النشوز بما إذا كان الخروج من أحدهما، ليس كما في الشقاق الذي هو حصول الكراهة والارتفاع والاختلاف من كلا الطرفين .

1- نشوز الزوجة
إن التشريع الإسلامي فرض للرجل على زوجته حقوقاً مقابل وفائه بحقها والقيام بشئونها، ولعله من أهم الحقوق المطروحة والمتفق عليها في حق الزوج، حق الطاعة الشامل لجميع الحقوق وأن الزوجة بإطاعتها لزوجها تستطيع أن تأسر قلبه في حبها وتسحره بخلقها، فليس هناك عامل أقوى ولا أشد فعالية في توثيق عرى الزوجية من إطاعة المرأة لزجها في حياتها العامة والخاصة .
ولكن المستكشف من كلمات الفقهاء انحصار حق الطاعة في أمرين التمكين وهو التخلية بينها وبينه في الاستمتاع بحيث لا يختص مكاناً ولا زماناً مع عدم المانع عقلاً أو شرعاً، و المساكنة وهو حصول اللبث في بيت الزوجية مع الزوج بحيث تحصل حالة المعيّة فيصدق عليها أنها ساكنة مع زوجها .
ولا شك أن الإسلام قد طلب من الزوجة الانقياد للزوج في كل ما يرتضيه العقل والشرع وبدون ذلك لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق .
فبناءً على هذا فالمرأة الناشزة هي المتمردة، الخارجة عن طاعة زوجها، فإذا ظهرت أمارات النشوز كتغيير عادتها معه في القول والفعل بأن تجيبه بكلام خشن بعد إن كان بلين ، أو غير مقبلة بوجهها بعد أن كانت تلطف به وتبادر أليه و… وعرف الزوج من خلال معرفته بحال زوجته بأنها لم تنشأ من ظروف صحية أو شرعية فعليه أن يعالج هذه الحالة بذهنية عادلة بعيدة عن الانفعال والتشنج، بل بإقامة الحلول التي وضعتها الشريعة حاصلها ثلاثة أمور :

أولاً : الوعظ، وهو أول الحلول في طريق عودة الزوجة إلى حياتها الزوجية وهي من واجبات القيّم ورب الأسرة وتختلف أساليبه باختلاف ذهنية الزوجة من ناحية فكرية وروحية وعاطفية .

ثانياَ : الهجر، وهي من أقوى الوسائل العاطفية التي يبعثها الزوج لزوجته لبيان غضبه عليها ؛ لأن اهتمام الزوج بها يعتبر عاملاً مهماً من عوامل إحساسها بأهميتها فهو ضرب من ضروف التأديب لمن تحب زوجها ويشق عليها هجره إياها .

ثالثاً : الضرب ، وهو الأسلوب الثالث الذي يأتي نتيجة الحيرة التي تنتاب الرجل وقد أخفقت مساعيه الأخلاقية الهادئة ولم تبد الزوجة مبرراً لهذه الحالات السلبية فلا بد من علاج هذه المسألة كحل تأديبي يضمن للزوج فرض سيطرته على حياته .
وأما كيفيته فأن يضربها ضرب تأديب كما يضرب الصبيان على الذنب ولا يضربها ضرباً مبرحاً ولا مدمياً ولا مزمناً ويضرب على بدنها ويتقي الوجه .

2- نشوز الزوج
لما وضع القانون الإلهي المساواة، كان للزوج تجاه زوجته حقوقاً يؤدي التخلف عنها نشوزاً، كذلك وضع للزوجة تجاه زوجها حقوقاً معينة في المجال المادي والمعنوي ضامنة لها الحياة الكريمة من غير التعرض لأي ظلم أو غبن .
أما في المجال المادي فتستحق المرأة النفقة وهو تكليف مالي واجب على الزوج للزوجة بما هي زوجة وفق شروط معينة بمستوى الكفاية عرفاً.. فالزوج هو المتكفّل بالإنفاق على زوجته بالقدر المتعارف عليه بين الناس من غير إفراط ولا تفريط وهذا في قبال ما فرضه الله على الزوجة من الطاعة الكاملة لزوجها .
وأما في المجال المعنوي فتستحق حسن المعاملة والمعاشرة بالمعروف .
وقيل أن المعروف كلمة تجمع كل جميل في الخَلق وجميل في الخُلق وفي التفسير أن المعروف أوسع دائرة من كلمة المودة، فالمودة هي أنك تحسن لمن عندك ودادة له وترتاح نفسك لمواددته لكن المعروف قد تبذل له ولو لم تحبه .
وبهذا فقد أمر القرآن الكريم الأزواج بالصبر على المعاشرة بالمعروف حتى مع الكراهية فقد يكره الإنسان أمراً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا .
قد تلحظ المرأة في حياتها مع الزوج تغيراً في معاملتها وتمرداً على حقوقها وإعراضاً عنها بوجهه وربما كان ذلك نتيجة كِبَر أو ميل الى زوجة أُخرى أو غير ذلك من الأسباب بحيث يخرج في سلوكه معها عن المعروف بما يستبطنه من معاني السكن واللباس فيكون ظالماً لها، ويدخل إمساكه لها وعيشه معها في باب العضل والضرار والاعتداء وهذا ما يسبب نشوز الزوج والإخلال بواجباته المقررة له تجاه زوجته .
ولا شك أن الشريعة قد وضعت الحلول اللازمة في هذا المجال حاصله اذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته أو ساء المعاملة معها سواء بالسبّ أو الضرب و…. فللزوجة أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي شاكية زوجها في عدم الإنفاق عليها بعدما لم يفد الحل الأول مع الزوج وهو الوعظ .
وفي حالة خوف الزوجة من بعلها نشوزاً أي تجافياً عنها وترفعاً عن مصاحبتها، كراهة لها ومنعاً لحقوقها أو إعراضاً، بأن يقل مجالستها ومحادثتها، يجمل بالزوجين أن يجلسا مجلساً هادئاً بعيداً عن الانفعالات النفسية والتوترات الشعورية، لا أن تقابل الزوجة النشوز بمثله والإعراض بالصد؛ فإنّ ذلك يوسع الهوة بينهما ويفك الأسرة وينتهي الأمر الى شقاق لا لقاء بعده فالمرأة مدعوة في هذه الحالة بالصبر والحكمة والتصرف بدقة إن تحسست من زوجها النفور، حفاظاً على الرابطة الزوجية فتستطيع بسياستها وحنكتها وحسها الأنثوي أن تبين سبب الإعراض والجفاء وتحاول إزالة هذه الأسباب .

المصادر :
1- تفسير الميزان – العلامة الطباطبائي
2- المفردات – الراغب الأصفهاني
3- مسالك الأفهام – الشهيد الثاني
4- شرائع الإسلام – المحقق الحلي
5- من وعي القرآن – السيد فضل الله
6- الزواج – عز الدين بحر العلوم
7- نفقات الزوجة – الشيخ عارف البصري
8- تفسير الشعراوي – محمد متولي الشعراوي

أم محمد علي ـ العراق

شاهد أيضاً

255144

التعارف على الأنترنت

هل يجوز إجراء عقد النكاح كتابةً عبر الانترنت؟ آية الله العظمى الإمام الخميني “ره”: لابدّ …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *