الرئيسية / الرئيسية / ماوراءَ الحدودِ نور
1f8f37f347dee2e17d47a799698496a0

ماوراءَ الحدودِ نور

ريعان شباب و جمال إله، وقوة أمير، وحنان أرض، وأحلام سماء، وكل ما اجتمع في ملاك بشري يسير..

دفاتر التخرّج نحو الثريا رميتها، وخوف من طاغوت جعل الرأفة والرحمة وراء الأبجدية، وإشراق لنور.

رسمته وراء الحدود وعليَّ العبور، اعتراض من أحبتي لألم الفراق، وقول من ثغر أمي الحنون: (ارحل ياولدي ولكن لاتنسانا).

تخطيطٌ واجتماعٌ لثلاثٍ من ليوث العراق وعهدٌ للرحيل والبحث حول نور الأحلام وقولٌ لدنيا الظلام : (أنا هنا).

أنا من أرضٍ جبلت بأطهر وأنفس الدماء…

أنا من أرضٍ حوت أغلى وأكرم الأجساد…

أنا من أرضٍ أبكت كل عينٍ تحيى فيها مشاعر…

أنا من أرض الطف… أنا من أرض الحسين… من أرض كربلاء… من أرض سيَد شباب أهل الجنة…

   والآن حان موعد الرحيل، وقفت مودعاً ودمع العين يسيل، وعنفوان القرار يحرّكني نحو مايطلق عليه (هور) هي بحيرات كبيرة، أومستنقعات الموت والهلاك لا ينمو فيها إلا قصب الظلال والأشباح، وعليَ العبور، وقارب النجاة المُتخلِف هو ملجئي، ومجاذف المهلكة هي وسيلتي، ورحيلٌ تحت جناح الظلام من آخر بقعةٍ يمكن السير فيها على الأقدام، وبداية المشوار مع أول حركةٍ للمجذاف، وتركٌ للقارب بعد زمنٍ عسير، واللجوء إلى الفرار في أرض الصحاري والأشواك اللئام .

   وتسلل ٌبين نبتاتٍ مائيةٍ عفنةٍ لمدة ساعتين، وقواربٌ كتلك التي تركناها، وكل هذا تحت عيون الأشرار وقلوبٍ لاترحم، وجزيرة الراحة هي تلك، وسط الهور، ونومٌ عميقٌ لجفونٍ لم تعرف الدلال والراحة…

   وصبحٌ سارع إلينا ينبؤنا بما هو أعظمٌ، وحركةٌ لقارب الصيد الصغير المكلّل بتاجٍ إلهيٍ وأصواتٌ لعليٍ والحسين والعباس مع حفظ الألقاب والمقامات بترانيم الدعاء والمناجاة، لكن حب الإله يكمن في ابتلائه، فاكتشافٌ لنا من قبل جيش الظلام والظلال…

   فنارٌ وحممٌ فوق الرؤوس، (ومدافع الهون) لاترحم أو تهون، وساعة من عمر المنى تسجل في كتب الإرهاب والإضطهاد، وقراءةٌ لكتاب العزيز، وإكمالٌ لمنجاة الأطهار، وراحة من رب الكون بعد عذابٍ طويلٍ…

وكرم أخلاقٍ من ملاكٍ، وتبرعٌ، ونزولٌ، لدفع قارب النجاة إلى بر الأمان، وطينٌ خلقنا منه إلى وسط هيكل المارد الرؤوف…

وأسماكٌ ماكانت لخيرٍ قد سُمّت وطاف بها الموت على وجه الماء، وغطاء تحولت، بالألف تجمعت، وعبورٌ لنا إلى أرض الشريعة وانفرادٌ بدليل الكون واستغناءٌ عن دليل الأرض…

وحدي!! الأرض فراشي والسماء غطائي، ومحاولات فاشلة لنوم العيون، فاستترت بثيابي، وكل ما حولي..

لكن عبثاً، كانت تلك الحشرات اللاسعة قد صمّمت على إيذائي، وأصواتٌ لحيوانٍ مبغوض ٍ مكروهٍ، جعل تسليته هذه الليلة تكسير القصب من حولنا، وبالعشرات تجمعوا…

   وفي المجمل انفردت الطبيعة بغضبها بنا… فلا نومٌ ولا راحة ولا أمان!!! ورجال صوّان نحن، وحاجةٌ لغذاء بدن لحوح، وخبزٌ عجنته أيادٍ سوداء وعلى رمال البادية وضعته، وأنا صاحب الذوق الرفيع، فاستغناء عن ذاك الرغيف وبقاء لعزة النفس مرفقة بصبرٍ أورثه إيايّ أيوب العزيز… وإبداعٌ لأوعيةٍ تشرب بها خمرة المسلمين فأخذها من يدي طفل رضيع وتبادلها لإسكات ضجيج وأنين مابين المنكبين… وأنا أبقى أنظر إليهم لأعجب ولأسكت حرصاً لعدم جرحٍ أو خدشٍ لمشاعرٍ أو أحاسيس إنسان أو مخلوقٍ…

ولقاءٌ مع من لديهم خبرة الفرار وتهريب أدواةٍ قديحرم دخولها، واتفاق ودفع مال وإيصالنا إلى بر الأمان…

وتحرّكٌ لنا من غروب شمس الضياء إلى انبزاغ نور الصباح…

     نور الصباح كلمح البصر آتٍ إلينا، وعلينا عبور ذاك الساتر ومسارعةٌ لزمنٍ أبرم اتفاقا مع جيش الظلام، وركضٌ لأرجلٍ أدمتها رمال وأشواك البراري، وإعانة مني، وأخذٌ ليد صديقٍ هو كالروح حين تسقط في هاوية الانعدام البعثية، ونجاة لنا كتبتها أيادٍ حرست حافلة العبور من عيونٍ لا يمكن أن يمر تحتها شيء وتغفل أو ترحم، وعبرنا الساتر ونحن ليوث ثلاثة كما كنا بقينا وعبرنا…

والآن يا أحلامي وآمالي قد أقدمت، أنا هنا في أرض الأمان، أي ما وراء الحدود، وراحة وركوب لمحركة الهوى وإلى قم ذهبنا…

فجرٌ أطلّ على عمري القادم واحتكاكٌ مباشرٌ بغربة البلد، والسعي وراء مشروعية البقاء، والذهاب لمدينة نصف الكون، وها هو بيدي، واكتفاءٌ لذاتٍ بأقلّ ما يمكن من شهوات ومتطلبات الحياة…

فأنا رجلٌ شهمٌ عزيز، وعليّ البقاء بكرامة وطموح وتسلّم النجاح الطويل، وآ ثارٌ لهورٍ مازالت تخرج من قدميّ ألماً ودماً، وإقامةٌ في محفل الأغراب، وصبرٌ على مقولة الخطاب..

ومضيٌ لزمن الجهاد، وطلبٌ لنصف الدين، واقتراحٌ من أخٍ، وقرارٌ بالرجوع وراء الشريك وشمال الحبيب العراق مقصدي ورجوعٌ واليد خالية، وقهرٌ أصاب جانحة القلب، وذهاب لصديق الدرب وراء أختٍ له، وحضورٌ لنور الشريك، وإتمام الأمر…

وتاج الراس بعد لمعة العاملي الشهيد، وسيرٌ في درب مسؤولية العمر والدهر…

مدى حسين زيعور – لبنان

شاهد أيضاً

21445185332_f463abf699

درس من حياة فاطمة”س”

  قد نكون واجهنا صعوبات وخسارات مادية هائلة لإتمام عمل معين, أو حتى في جريان …