الرئيسية / الرئيسية / أسرة / رحلة اليوم
دعاء

رحلة اليوم

إنه يوم جديد.. صباح جديد.. الشمس مشرقة ترسل الأمل بين حزم أشعتها.. زقزقة العصافير بين الأشجار وكأنها تنادي البشر.. لتبعث النشاط في النفوس..

فتحت شباك نافذتي.. إنها رائحة القدّاح ممزوجة بنسيم الهواء الطلق… الحمد لله الذي رزقني الحياة ليوم آخر.. لعلي أختمه بما ينفعني ويقربني خطوة من هدفي.. وقع نظري على التقويم الذي أعلقه عادة بالقرب من مكتبي.. إنه اليوم الأول من شهر رجب… استغربت كثيرا! كم هي سريعة الأيام! تمضي مرّ السحاب ولا نشعر بسنين عمرنا تتهاوى كأوراق الشجر.. الأول من رجب, يوم جديد وشهر جديد تذكرت حديثاً كان يردده جدّي (رحمه الله) دائماً ألا وهو: أين الرجبيون؟.. في الحقيقة لم يدفعني الفضول قبل هذا لأتفكر بهذه العبارة وماذا تعني؟ من هم الرجبيون؟ يبدو إنه يوم متميز بالنسبة لي اتجهت نحو حاسوبي.. فهو صديقي الذي يسعفني في هكذا حالات.. أودّ أن أبحث أكثر عن معنى ما كان يردّده جدي… فمكتبتي الإلكترونية تغذيني بما يسدّ رمقي من المعلومات..

يُعرف شهر رجب بالأصب أو الأصمّ، أما عن سبب تسميته بالأصب فذلك لأن الرحمة تصبّ فيه على أمة رسول الله| صباً ويسمّى بالأصمّ أيضاً لأنه لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلاً عند الله ولعدم سماع صوت القتال وقعقعة السلاح فيه..

وقد كان أهل الجاهلية يعظّمون هذا الشهر, وينتظرونه لقضاء حوائجهم.. وعندما جاء الإسلام, زاد من مكانته حتى أصبح يعرف بشهر الله وأيضا بشهر أمير المؤمنين”ع”.

وفي حديث عن الإمام موسى بن جعفر”ع” قال: «رجب نهر في الجنّة أشد بياضاً مِن اللّبن وأحلى مِنَ العسل، مَن صام يوماً مِن رجب سقاه اللّه عزّ وجلّ مِن ذلك النّهر»[1]

هذا يعني أن لهذا الشهر مكانة خاصة عنده سبحانه وتعالى فقد خصص (جل جلاله) نهراً يحمل نفس اسم هذا الشهر وبتلك المواصفات لمن يصوم يوماً واحداً من رجب! فكيف لمن يصومه بأكمله؟!

يبدو أنه من حسن حظّي أنني اطلعت على هذا الحديث, فقد أبدأ شهري بداية مختلفة عن باقي الشهور سوف أخصّص بعضاً من وقتي لأتفرغ لخالقي فهو شهر مختلف تماماً..

وفي حديث آخر عن الإمام الصادق”ع” يقول فيه:

«اذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش أَيْنَ الرَّجَبيُّون؟ فيقوم اناس يضيء وجوههم لأهل الجمع على رؤوسهم تيجان الملك»[2] وذكر ثواباً جزيلاً إلى أن قال: «هذا لمن صام مِن رجب شيئاً ولو يوماً من أوّله أو وسطه أو آخره».

هذا ماكنت أبحث عنه, نعم.. فمقولة جدّي مقتصة من هذه الرواية, إذن الرجبيون: هم الذين يحيون هذا الشهر بالأعمال الصالحة على رأسها الصيام, وهذه تسميتهم في يوم القيامة..

أشعر بالسعادة تغمرني فلا ينقصني سوى أن اغتنم الفرصة وأدعو إلى الله.. عساني أن أتمّ هذا الشهر الفضيل وأنا من الرجبيين.. لكن جذب انتباهي حديث آخر عن رسول الله”ص” قال: ..ولكنْ لا تغفلوا عنْ أولِ ليلةِ جمعة منهُ، فإنها ليلةُ تسميها الملائكةُ ليلةَ الرغائبِ، وذلك أنه إذا مضى ثلثُ الليلِ

لم يبقَ ملكٌ في السماواتِ والأرضِ إلا يجتمعونَ في الكعبةِ وحواليها، ويطلعُ الله عليهم إطلاعة فيقولُ

لهم: يا ملائكتي سَلوني ما شَئتم، فيقولونَ ربَّنا حاجتُنا إليكَ أن تغفرَ لصوّامِ رجب، فيقولُ الله تبارك وتعالى: قد فعلتُ ذلك[3]

لطالما سمعت عن ليلة الرغائب لكني لم أعرف معناها دقيقا إلى الآن!!

ليلة الرغائب: هي ليلة الجمعة الأولى من شهر رجب, ومعناها ليلة العطاء الكثير، حيث أن لهذه الليلة المباركة منزلة كبيرة عند الله تعالى وفيها يتضاعف الأجر والثواب لمن صام نهارها وقام ليلها وأحياها بالصلاة والدعاء والعبادة والعمل الصالح، وفي هذه الليلة يبلغ الصائمون والمستغفرون حاجاتهم وتتحقق رغباتهم ولهذا فإن الملائكة تُسميها ليلة الرغائب..

أخذت أتأمل في هذه المعلومات الجديدة التي حصلت عليها وأفكر في كيفية تطبيقها فإن طموحاتي وأهدافي في هذا الشهر ارتقت كثيراً عمّا كانت مقارنة بالشهور الماضية, سوف أبدأ يومي بغسل الأول من رجب راجية من الله أن يوفقني لأحقق هدفي وأكون في تعداد الرجبيين..

[1] . وسائل الشيعة, الحر العاملي, ج10, ص473.

[2] . المصدر السابق, ج10, ص 479.

[3] . بحار الانوار, المجلسي, ج95, ص395.

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …