الرئيسية / الرئيسية / شهر الرحمة
شهر الدعاء

شهر الرحمة

 نبارك لكم حلول شهر الرحمة والمغفرة شهر الضيافة الالهية والمأدبة الرحمانية.

السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ويا خير شهر في الأيام والساعات

السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب وقلت فيه الذنوب[1]

كما نبارك لكم مولد الإمام الحسن”ع” من المناسب أن نذكر كلمات حول هذا الشهر العظيم.

1 ـ شهر الصوم يتميز عن غيره من الشهور بعدة أمور منها ان الحق تعالى يقول: الصوم لي وأنا أجزي به كما أن الحجاج عادة ما يعبر عنهم بضيوف الرحمن كذلك يعبر عن الصائمين في شهر الصيام بضيوف الله “شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله” والأدعية الواردة في هذا الشهر العظيم فيها إشارة واضحة إلى عظم هذا الشهر (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ففي الدعاء اليومي بعد كل صلاة: “اللهم أدخل على أهل القبور السرور…” نلاحظ أن أهل القبور مطلقة وكذلك معظم باقي فقرات الدعاء غير مخصصة بطائفة معينة أو قيد فما أعجب رحمة الله في هذا الشهر!! ولا تعجبوا لأن رحمته وسعت كل شيء.

وفي دعاء الافتتاح يقرأ الصائم كل ليلة: “فصرت أدعوك آمنا، وأسألك مستأنسا لا خائفا ولا وجلا مدلا عليك فيما قصدت فيه إليك، فإن أبطأ عني عتبت بجهلي عليك” فالحديث هنا عن الدلال والعتاب وليس الرحمة والمغفرة فقط!! بل أكثر من ذلك عن حالة دلال ومعاتبة بين المحب ومحبوبه، مع أحدهما العبد الحقير والثاني المتعالي المطلق، فإي شرف هذا!!

ونقرأ في دعاء أبو حمزة الثمالي سحراً: “لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بعفوك”!!

وهذا غيض من فيض، مما يكشف لنا أن هذا الشهر شهر تشريف وتكريم وليس تكليف وعناء كما يظنه البعض ولا مجال للتفصيل في هذه العجالة.

2 ـ إنه كما يستضيفنا الله يمكن أن نستضيف الله!! نعم ايها المؤمنون والمؤمنات نستضيف الله! فإنه تارة نكون ضيوف الله، وتارة يكون الله ضيفنا، وشتان بين الإثنين ولكن كيف؟

والجواب هو من لسان الحق تعالى حيث قال عز من قال في الحديث القدسي: “أنا عند المنكسرة قلوبهم” هل شعرت وأنت تدعو أحيانا بانكسار في قلبك وذلة أمام الله؟ عندها تكون أنت المضيف والجبار العلي ضيفك، كيف هو حال القلب الذي يُستضاف فيه الحق! وماذا يحصل إذا استمر هذا الحال عدة ثوان، عدة دقائق، عدة ساعات، أياماً متواصلة، حضور دائم، استغراق تام… عندها يكون هناك ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر، عندها يكون الوصال.

أيها الأعزاء هل رأيتم محبّا يخلو مع محبوبه ومعشوقه وينشغل ويتلهى بأمور لا قيمة لها!

يستحيل ذلك وإذا فعل أحدهم هذا فسيسخر منه الجميع، ويقولون له: يا هذا ما القصة هل الآن وقت التلهي بالأمور التافهة؟

وأنت إذا لم تذق طعم المحبة والوصال، انت لم تستطعم معنى قوله تعالى: {يحبهم ويحبونه}.

فالوقت سحر، والإنسان يجلس بمفرده، وهو رافع يديه بالدعاء، والدموع تسيل على خديه وهو يقول: “من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك…، سيدي عبدك ببابك أقامته الخصاصة بين يديك يقرع باب إحسانك بدعائه…” فيشعر بانكسار قلبه، وصغره أمام المطلق المتعال، يا ترى في هذه الحالة ماذا يسأل حبيبه؟!!

3 ـ إذا أردتم أن تتعرفوا على حقيقة شهر رمضان أكثر وعظم قدره، عليكم بقراءة دعاء الإمام زين العابدين”ع” في وداع هذا الشهر الفضيل.

والآن إذا أردنا أن نختزل كل شهر رمضان بفوائده الجمة إلى ثلاث كلمات فقط أو إلى جملة قصيرة جدا فماذا تكون هذه الكلمات يا ترى؟ ماذا تقول من أعماقك عن شهر رمضان؟؟ تأمل، تفكر، ثم اكتب…

أما عني فأقول: شهر رمضان: تشريف، تكريم، قُرب، ووصال.

وفقنا الله جميعا لما يجب ويرضى وأن لا ننسى بعضنا بعضا من الدعاء، في شهر الدعاء، أنه سميع الدعاء.

المهندس محمد الحريري ـ سورية

[1] دعاء وداع شهر رمضان للإمام السجاد (عليه السلام).

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …