الرئيسية / الرئيسية / يتيمةُ أمّها..
2111

يتيمةُ أمّها..

عبرَ سنين طويلة تجرعت البنتُ غصصَ اليُتْم، فلمْ تجدْ من يدٍ لمساعدتها…

وقد طوت المراحل في البحث عن أمِّ حنون في عالمِ العشق الإلهي.. وهكذا واصلت البنت البحث.. فكلما توجهت بكل شوق وكمالِ الأملِ بأن هذه الأم هي الأم المعنوية.. كانت السعادة تغمر عينيها.. قائلة في نفسها.. وأخيراً وجدت بغيتي.. فلأضع رأسي بحجرها.. حتماً هذا الحجر هو الحجر الدافئ الذي يلُفَّني من بردِ هجر المحبوب الحقيقي وأنه سوف يوصلني إلى الدفء الحقيقي.. وفي أثناء هرولتها نحو هذا الحضن.. تلقَّت يداً ضاربة بكل قسوة على صدرها.. دفعتها إلى الوراء حتى أردتها مرمية على الأرض.. وهكذا سقطت اليتيمة منكسرة القلب واليأس دخل في كل خليةٍ من أحشائها ولم تفكر في النهوض لتكملة الطريق آنذاك..

بقيت منكبة على الأرض.. إلى أن همهمت بكلماتٍ كانت خارجة من قلبٍ أبيضٍ كالثلج في الشتاء الأزرق.. فهذه الكلمات اخترقت الحجب وفتحت نافذة القلب ووجدت صاحب القلب جالساً في حرمه..

تذكرت الحديث القائل: “أنا عند المنكسرةِ قلوبهم”[1]

رباه…

إننّي بأمسّ الحاجة لأمٍ حنون تأخذ بيد طفلتها بكل حبٍ وحنان في طريقك يا رب..

وإذا بيدٍ قد وُشِجَتْ بالدفء والقوة رفعتها من على الأرض فوراً..

إلهي من أين هذه اليد؟!!

نعم إنها يد امنّا فاطمة المعصومة÷.. إلهي أين كانت هذه اليد وأنا أبحث عنها وأطرق أبواب المحتاجين لها…

سرعان ما بادرت إلى بطون الكتب.. فإذا بها تجد هذه الرواية عن إمامنا الصادق”ع” : “إنَّ لله حرماً وهو مكة، وإن للرسول حرماً وهو المدينة، وإن لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من اولادي تسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة”[2]

عندها سرعان ما توجهت لأمها الحقيقية ألا وهي فاطمة المعصومة÷ وقد انتابها الخجل.. فكانت تخطو بقدميها المرتعشتين وكلمات الاعتذار كانت وردها.. عذرا يا أماه عذرا يا أماه…

لكن ما إن وقعت عيناها المغرورقتان بالدموع على قبتها الذهبية كأنّها الشمس في مطلع نهار العيد.. كأنَّ هناك أنامل رقيقة وُضِعَتْ على شَفَتَيْها تريد إسكاتها.. لا طاقة لها لسماعِ الاعتذار..

رمت بنفسها على الضريح الشريف فوجدته الحضن الدافئ للأم الحنون الذي لفّها بعد هجر طويل…

السلام عليك يا أمنا.. نحن أيتامك في هذه الدنيا…

(يافاطمة اشفعي لي في الجنة)

بقلم غفران آلبوسبح _ العراق

[1] . المحجة البيضاء , الفيض الكشني, ج1, ص35.

[2] . بحار الأنوار, المجلسي, ج57, ص217.

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …