الرئيسية / الرئيسية / تعدد الزوجات
تعدد-الزوجات

تعدد الزوجات

 {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى‏ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى‏ أَلاَّ تَعُولُوا}[1]

تدلّ الآية الكريمة على أن من حق الرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة بل يجوز له الزواج بأربعة ولكن بشرط العدالة, وفي آية أخرى يقول تعالى : {وَ لَنْ تَسْتَطيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ}[2].

  1. ما هو مورد التشريع؟ وهل هو مختص باليتامى والإماء؟
  2. كيفية الجمع بين الآيتين مع انتفاء الشرط وهو العدالة؟
  3. ما هي العدالة المطلوبة؟

مورد التشريع

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى}

عرب الجاهلية كثرت فيهم اليتامى بسبب الحروب, وكان العرب يتزوجون بيتامى النساء من أجل أموالهن والبعض يأخذ أموالهن ويخرجهن من عصمتهم فيصبحن لا ذات مال فيعشن به ولا يرغب بهن للزواج, وهكذا كان عرب الجاهلية يظلمون الأيتام ويسلبوهم حقوقهم وبالأخص المرأة, فنزلت الآيات تنهى نهياً شديداً عن ظلم الأيتام وعن أكل أموال اليتيم كقوله تعالى { وَ آتُوا الْيَتامى‏ أَمْوالَهُمْ وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى‏ أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبيرا}[3] فتركوا الزواج بيتامى النساء خوفاً وتحرزاً من ظلمهن, حتى وصل الأمر بهم أن أخرجوا اليتامى من ديارهم لكي لا يظلموهم, وإذا فضل شيء من طعامهم لم يدنوا منه, فحصل حرج شديد.

فنزلت الآية لرفع ذلك الحرج وهي تقول إن كنتم تخافون من ظلم اليتامى وعدم العدل بينهن فلكم أن تتزوجوا بالحرائر وهي قوله تعالى{ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ}

{فانكحوا} إن الأمر فيها لم يرد مورد الوجوب بل ورد لرفع توهم الحظر, فالآية وردت لرفع هذا التوهم, وتبين جواز الزواج بأربعة نساء من الحرائر { مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ}

{ما طاب لكم} ظاهر سياق الآية أنه ما أرادته نفوسكم وما رغبت به من عدد النساء الحرائر مقابل الخوف من الزواج بنساء اليتامى, في قوله {وإن خفتم}, إذا خفتم الزواج من نساء اليتامى فلكم الزواج بالحرائر ما طابت نفوسكم بعدد معين وأكثره أربعة.

و قد نقل بعض المحققين من الفقهاء كالسيد اليزدي صاحب العروة الوثقى أن الاستحباب لا يزول بالزواج الواحد لأن النصوص مطلقة في ذلك ولم تقيد الاستحباب بالزواج الأول أو الثاني وغيره.

والنصوص الواردة باستحباب الإكثار من النسل فيه منطبقة على الزواج الثاني والثالث لأن إكثار النسل يحصل بتعدد الزوجات, فقد وردت الأحاديث في ذلك كثيرة منها قول الرسول’: >تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط<[4]

الجمع بين الآيتين

قوله تعالى{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً} وقوله تعالى {وَ لَنْ تَسْتَطيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُم‏}

ظاهر الآية الأولى أن مجرد الخوف من عدم العدالة بين الزوجات يكفي بالردع عن التعدد، فالواجب آنذاك الاقتصار على الواحدة.

والآية الثانية تبيّن عدم إمكان العدالة بين الزوجات حتى مع المحاولة.

وعلى هذا الكلام لا يبقى مصداق خارجي للآية وتكون الآية مجرد حكماً نظرياً لا تطبيق له في الواقع، فيلزم أن يكون تشريعه لغواً، و هذا مستحيل على التشريع الإسلامي. فلابدّ من معرفة المراد من العدل في الآيتين ما هو؟

العدل في الآية الأولى هو العدل بين الزوجات بتقسيم الليالي بينهن والمراد من العدل في الآية الثانية {وَ لَنْ تَسْتَطيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُم} فالعدل الذي لا يمكن حصوله هو العدل القلبي والعاطفي حتى مع حرص الإنسان وهذا معلوم وجداناً، وعدم العدل القلبي متيقن لا أنه يخاف منه.

العدالة المطلوبة بين الزوجات            

1ـ النفقة:

يجب على الزوج أن ينفق على كل واحده من زوجاته من مأكل و مشرب ومسكن وكسوة بالمقدار المتعارف الذي يناسب شأنها وما زاد عن ذلك فهو مستحب، فللزوج أن ينفق على إحدى زوجاته بالمستحب دون الأخرى ولا يكون عاصياً، ولكن لو اختص واحدة بالزائد أي بالمستحب والواجب ولم ينفق على الأخرى المقدار الواجب منه فيعدّ عاصياً.

ولو احتاجت واحدة لنفقة زائدة كما لو كانت مريضة فيجب عليه أن ينفق عليها دون الأخرى.

2ـ التقسيم:

يجب على الزوج أن يبيت ليلة واحدة من أربع ليالٍ فلا يجوز أن يتركها لأكثر من أربع ليالٍ من دون عذر شرعي، فلو قضى عند إحدى زوجاته ليلة واحدة وعند الأخرى ثلاث ليال فقد امتثل شرع الله، فليس للزوجة مثل الأخرى مادام قد وفّاها حقها الذي هو ليلة من أربع ليالٍ.

والدليل على ذلك صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله× قال: سئل عن الرجل تكون عند امرأتان وإحداهما أحبّ إليه من الأخرى, أله أن يفضّل إحداهما على الأخرى؟ قال نعم يفضّل بعضهم على بعض ما لم يكن أربعاً.[5]

فقول المعصوم يفضّل بعضهم على بعض ما لم يكن أربعاً أي له الحق في لياليه الزائدة الأربعة بعد أن بات عندها ليلة فبقيت له ثلاث ليال فله الحق أن يبيت عند من يشاء منهن في هذه الليال الثلاث.

قوله تعالى: { أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى‏ أَلاَّ تَعُولُوا}[6]

إن القسمة في المبيت ثابتة بحق الحرائر فقط دون الإماء, فلو تزوّج بأمةٍ فليس لها التقسيم كما للحرة فالذي يخاف من الظلم و الجور, فله أن يتزوج بالإماء ولا يصلها في الأربع ليال، >ذلِكَ أَدْنى‏ أَلاَّ تَعُولُوا< إن الزواج بالإماء أقرب لعدم الجور.

المصادر:

  1. ما وراء الفقه, ج5, للسيد محمد باقر الصدر.
  2. آيات الأحكام, للشيخ باقر الأيرواني.
  3. تفسير الميزان, ج4, تفسير الآية 3 لسورة النساء.
  4. العروة الوثقى, ج 2, للسيد اليزدي.

الإشراف الفقهي: سماحة الشيخ أسد قصير

[1] . النساء: 3.

[2] . النساء: 129.

[3] . النساء: 2.

[4] . ميزان الحكمة, ج5, ص81.

[5] . وسائل الشيعة, ج1, كتاب النكاح, أبواب القسم والنشوز.

[6] . النساء: 3.

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …