الرئيسية / الرئيسية / ورقةٌ من مذكراتِ سجينٍ عراقي
ph710tku2n8r8o3twbz5

ورقةٌ من مذكراتِ سجينٍ عراقي

(الحلقة الثالثة)

مسرحية يومية

الزمان: 18/5/1983

المكان: سجن أبي غريب/ الأحكام الخاصة

بعد أن استيقظت مساءً, وحوالي الساعة السادسة, سمعت أحد الإخوة يقول لصاحبه: هل بدأت المسرحية؟ فأجابه: ستبدأ بعد قليل, فقلت في نفسي على ما يبدو أن هناك بعضاً من العمليات الترفيهية لترويح السجناء, جرياً عن ما يقرأ في بعض البلدان المتمدنة بالنسبة إلى سجونها, فدفعني شوقي الدخول بينهم, فسألتهم أين تُعرض؟ أجاب أحدهم _ وقد قرأ علامة الشوق في وجهي _ أخي ليس مسرحية كما تظن, إنها مسرحية على الطريقة البعثية, أبطالها جلاوزة النظام وجمهورها إخوتك في الإيمان..

بعد قليل ستدخل ثلة من جلاوزة أمن النظام وبأيديهم هراوات, وستقدم إليهم قائمة بأسماء من يدعونهم بالمخالفين والمشاغبين _ في مفهومهم _ وتبدأ عملية تعذيبهم بمرأى ومسمع الجميع _لزوماً_ حيث يجبر الجميع على مشاهدة التعذيب.. فنونٌ وفنون.. منهم من يعلّق بالحبال على الشبكات الحديدية, ومنهم من يُضرب بالهراوات قد تصل إلى المائة مرة عدّاً (عدّاً من قبل أحدهم وتنفيذاً من الآخر) أو يُدحرج لمخالف على طول الممر, أو تخلع ثيابه ويرمى عليه الماء البارد ثم يضرب وما إلى ذلك من فنون التعذيب عند كل وجبة طعام يجلبونها, وأخبثهم تفنناً في التعذيب منبوذان هما (رائد وخليل). أما إذا جاء (النقيب غالب) فذلك الطامة الكبرى, فهو لا يقلّ حقداً عن جلاد العراق, حتى إنه قال مراراً إنه لمن الظلم أن تبقيكم القيادة أحياء, ولذلك إذا لم تُقدّم له قائمة بالمخالفين! فإنه يمرّ على الغرف, والغرفة السيئة الحظ ممّن وقع اختياره عليهم…

حسبتُ أن ما ذكره أخي مبالغ فيه, ولكن مضت الأيام وتبيّن أن ما ذكره وبين الحقيقة كحقيقة من يصف النار ومن يُلقى فيها.. كأن كلامه وصفاً فقط!! حتى وصل بي الحال أن تسيل دموعي ألماً لإخواني الذين يُعذبون أمامي لا لشيء إلا لأنهم طالبوا بزيادة حصة الماء أو ارتفع صوته نسياناً في حالة دعابة مع آخر..

ومرّت الأيام.. وسألت ذات مرة أحد الإخوان: هل يخرجونكم إلى الشمس؟ قال: حسب مزاج النقيب غالب, مرة في الشهر أو قد تصل إلى الشهرين.. ويا ليتنا لم نخرج؛ وبالمناسبة قد نخرج هذا الأسبوع.. وفعلاً بعد عدة أيام فُتحت أبواب الغرف وأمرنا أن نخرج سراعاً إلى الساحة, وكانت الساحة ترابية, قد انتشر على طولها عدد من جلادي النظام وبأيديهم الهراوات إذ كلما أراد السجين أن يستريح من الهرولة ضُرب, وقد يُضرب وإن كان مسرعاً لمجرّد عادة اعتادها الجلاوزة أن هراواتهم لا تسكن في أيديهم!! .. هرولة سريعة ثم أمر بالبروك والنهوض ثم زحف على التراب, والمتخلف يُسحق على ظهره إضافة إلى تسجيله في قائمة المخالفين لينال المقسوم داخل القسم, هذا بالإضافة إلى سماع الألفاظ البذيئة والسوقية المبتذلة دونما سبب…

المرحوم الشيخ حسن السالم

اعداد زهراء السالم – العراق

شاهد أيضاً

21445185332_f463abf699

درس من حياة فاطمة”س”

  قد نكون واجهنا صعوبات وخسارات مادية هائلة لإتمام عمل معين, أو حتى في جريان …