الرئيسية / الرئيسية / القرآن وسعادة الإنسان
ذكر الله

القرآن وسعادة الإنسان

قال تعالى {كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ}

و قال رسول الله”ص”:ألا من اشتاق إلى الله فليستمع كلام الله.

ومن منا من لا يشتاق لكتاب الهدى والنور المبين؟! كلامه تعالى الذي لا يأتيه الباطل, الكتاب الذي أنزله تعالى العظيم نوراً وهدىً لمن عقل وتدبر, ولذا فإن أثره واسع بسعة الخير, وبسعة رحمته تعالى؛ فمن آثاره:

أولاً: يقوي الوازع الديني؛ وذلك بالشعور الذي يشدنا نحو الحق وطلب الرحمة, والذي يمنحنا الإحساس بالهدف, بأن لحياتنا هدفاً مقدساً خُلقنا لأجله, ولم نخلق عبثاً. الهدف الذي يدفعنا نحو الخير وبلوغ الغاية في رضا الإله. و ينقذنا من العبث وتفاهة الحياة.

ثانياً:يدعو إلى التفكر؛ قال تعالى{وَيَتَفَكَّرُونَ في‏ خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَك‏} قالوا إن الكتاب خير جليس للمرء, هذا إذا كان كتاب الإنسان المخلوق, فكيف بكتاب الرب الرحيم, القرآن الكريم, الذي لا يدانيه كتاب.

قال رسول الله”ص”:إذا أحبّ أحدكم أن يحدّث ربه فليقرأ القرآن. لنتدبر في خلقه وعظمته وما به من الدلالة عليه تعالى, ثم نتدبر في أحكامه ونمتثلها حتى نكون من العاملين بها. قال الصادق”ع”:يعملون بأحكامه, ويرجون وعده ويخشون عذابه, ويتمثّلون قصصه ويعتبرون أمثاله, ويأتون أوامره, ويتجنبون نواهيه. فبتعاليمه وأحكامه قوام المجتمع, من أصغر لبنة فيه التي هي الأسرة إلى كل الدنيا و ما فيها؛ فالزواج سكن, ومودة ورحمة, مودة يظهر بها الحب والرأفة أو الحنان والاحترام ليكون من القوة ما لا تستطيع الصعاب هدّه. وكذا بالقرآن أسس التربية الصالحة وقوانينها للطفل الذي هو ثمرة الحياة, فإنما هو فرد في المجتمع, و صلاحه صلاح المجتمع فلذا يجب تعليمه وتأديبه وإشباع روحه من الحب وإشعاره بالرحمة والحماية, فإن البيت هو الحضن الدافئ له, فله حق الرضاعة والرزق والرعاية والتعليم و… كل خير.

ثم احترام الوالدين وعقوقهما بعد الشرك, والإحسان إليهما بعد توحيده تعالى{وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانا}. نعم, فبالقرآن تمتد أحكامه تعالى لكل المجتمع. حيث يعدهم أخوة ويصفهم بالرحمة فيقول{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}ويقول في أبرز صفاتهمِ {رُحَماءُ بَيْنَهُمْ} ولأجل توازن المجتمع وحفظه من الفقر يضع تعالى حلولاً, حيث يقول سبحانه{إِنَّ الَّذينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ} فبالإنفاق قضاءٌ على الفقر, وإن من لم ينفق فليس من التالين لكتاب الله تعالى.

ثم الرأفة بالحيوان, وعدم إيذائه…ثم النبات والشجر, فقد جاء عن الرسول”ص”:استوصوا بعمتكم النخلة خيراً, ثم الطبيعة والهواء والمحافظة عليها بالنظافة.

ثالثاً: ملءُ أوقات الفراغ بالخير؛ إن الانشغال بترتيل القرآن وحفظه ينقذنا من هدر الوقت, ووقت الفراغ الذي ينشط به الشيطان ويحاول أن يدبّ بخطواته وما أكثرها في عصرنا, فكل نظر أو سماع بغير رضا الله هو خطوة للشيطان تتبعها أخرى إلى أن تجرّنا إلى الذنب الكبير.

فالقرآن لم يُخلق لزمانٍ دون زمان, ولا لناسٍ دون ناس. فنحن أحوج إليه لكثرة وتنوّع الشياطين, وحين يختلط الأمر تعجز النفس عن التشخيص, وربما تتحايل النفس وتميل للذنب, أو تلبسه غطاءاً طلباً للمتعة الفانية, ولا ينقذنا من الذنب إلا كتاب الله.

رابعاً: حياة القلوب وطمأنينتها؛ قال تعالى{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} وقال”ص”:القرآن يحيي القلوب.

فالطمأنينة شعور ولذة من عاشها هانت عليه آلام ومصاعب الحياة, هدوء نفسي يزداد بازدياده حب الخير والعطاء وحب كل شيء لأنه من الله تعالى.

لهذا فإن أكثر الناس عطاء أو إبداعاً وحباً للخير أكثرهم إيماناً, فهم المرحومون برحمته تعالى وهم من كان الرضوان نصيبهم, فطوبى لهم.

  ماجدة الأسدي_ العراق

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …