الرئيسية / الرئيسية / ظهور الإمام “عج”
الانتظار

ظهور الإمام “عج”

إن فكرة ظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في آخر الزمان، ويقضي على الظّلم والاضطهاد ويحقّق العدل والمساواة في دولته، هي فكرة آمن بها الأديان الثلاثة واعتنقتها معظم الشّعوب، فقد آمن اليهود بها كما آمن النّصارى بعودة عيسى”ع” وإلى جانب هذا نجد التّصريح من عباقرة الغرب وفلاسفته بأن العالم في انتظار المصلح الذي سيأخذ بزمام الأمور ويوحّد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد.

قد يظن النّاس، إنّ الظهور يتوقف على امتلاء الأرض ظلماً وجوراً انطلاقاً من النّصوص، التي تفيد بأنّ الإمام “عج” يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً وبالتالي فإنّهم يعتقدون بأنّ تطوّر الظّلم والجور في حياتنا السياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة والإداريّة والقضائيّة شرطٌ وعاملٌ مؤثر في الظّهور وتعجيل الفرج. فإذا امتلأت الأرض ظلماً وجوراًً ظهر الإمام “عج”وأعلن ثورته ضدّ الظّالمين وفرّج عن المظلومين والمعذّبين والمقهورين.

فمن الواضح، إنّ هذا الاعتقاد إن لم يؤدِّ إلى المساهمة في توسّع رقعة الفساد والظّلم والجور في الأرض فهو يؤدي في الحد الأدنى إلى عدم مكافحة الظّلم والجور والخضوع للأمر الفاسد لأنّ العمل خلاف ذلك يؤدّي إلى إطالة زمن الغيبة وتأخير الفرج.

ولا شك في أنّ ذلك مخالف لمفاهيم القرآن الكريم الذي يدعو إلى رفض الظّلم وعدم الركون إلى الظالمين فقال تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ[1]

كما أن ذلك تعطيل لأهم فرائض الإسلام وأحكامه وتشريعاته، كفريضة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر والدّعوة إلى الله والجهاد في سبيله وهي تكاليف عامّة لا تخص زمان دون زمان، أو مكان دون مكان، على أنه ليس معنى (تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً) الواردة في بعض النّصوص هو أن تنعدم قيم الحقّ والتّوحيد والعدل على وجه الأرض ولا يبقى موضع يُعبد الله فيه لأنّ هذا الامر مستحيل وهو على خلاف سنن الله وإنّما المقصود بهذه الكلمة طغيان سلطان الباطل على الحق في الصّراع الدّائر بين الحقّ والباطل ولا يمكن أن يزيد طغيان سلطان الباطل على الحقّ أكثر مما هو عليه الآن فقد طغى الظّلم على وجه الأرض وبلغ ذروته. فالّذي يجري على مسلمي العراق وفلسطين والبحرين بأيدي الظّلمة، أمر يقلّ نظيره في تاريخ الظّلم والإرهاب.

وقد كانت غيبة الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بسبب طغيان الشّر والفساد والظلم فكيف يكون طغيان الفساد والظلم شرطاً وسبباً لظهور الإمام “عج” وخروجه؟ على أنّ االموجود في النّصوص هو: (يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً) وليس (يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً) فليس معنى ذلك أن الإمام “عج” ينتظر أن يطغى الفساد والظّلم أكثر مما طغى حتى اليوم ليخرج وإنما معنى النّص أنّ الإمام”عج” إذا ظهر يملأ الأرض عدلاً ويكافح الظّلم والفساد في المجتمع حتى يطهّر المجتمع البشري منه، كما امتلأ بالظلم والفساد من قبل.

وأخيراً، إنّ سيطرة الظّلم والجور ليست سبباً في تأخير فرج الإمام “عج” أو شرطاً في تعجيله ولعلّ من اهم العوامل المؤثرة في تحقيق ظهوره “عج”، بل وتقريبه، هو توافر العدد الكافي من الأنصار والموطّئين الذين يعدّون المجتمع والأمة لظهور الإمام”عج”.

أسماء عبد الباري ـ العراق

[1] سورة هود: 113.

شاهد أيضاً

5228-460x330

البوارق العرفانية 6

البارقة السادسة هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟ نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في …